والمعنى أن الجنة ضياء فلا يحتاج فيها إلى شمس وقمر.
وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (١٤)
والثالث : كونه بستاناً نزهاً، فوصفه الله تعالى بقوله :﴿وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظلالها﴾ وفي الآية سؤالان الأول : ما السبب في نصب ﴿وَدَانِيَةً﴾ ؟ الجواب : ذكر الأخفش والكسائي والفراء والزجاج فيه وجهين أحدهما : الحال بالعطف على قوله :﴿مُتَّكِئِينَ﴾ كما تقول في الدار : عبد الله متكئاً ومرسلة عليه الحجال، لأنه حيث قال : عليهم رجع إلى ذكرهم والثاني : الحال بالعطف على محل :﴿لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً﴾ [ الإنسان : ١٣ ] والتقدير غير رائين فيها شمساً ولا زمهريراً ودانية عليهم ظلالها ودخلت الواو للدلالة على أن الأمرين يجتمعان لهم، كأنه قيل : وجزاهم جنة جامعين فيها بين البعد عن الحر والبرد، ودنو الظلال عليهم والثالث : أن يكون دانية نعتاً للجنة، والمعنى : وجزاهم جنة دانية، وعلى هذا الجواب تكون دانية صفة لموصوف محذوف، كأنه قيل : وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً، وجنة أخرى دانية عليهم ظلالها، وذلك لأنهم وعدوا جنتين، وذلك لأنهم خافوا بدليل قوله :﴿إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبّنَا﴾ [ الإنسان : ١٠ ] وكل من خاف فله جنتان، بدليل قوله :﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ﴾ [ الرحمن : ٤٦ ] وقرىء :﴿وَدَانِيَةً﴾ بالرفع على أن ﴿ظلالها﴾ مبتدأ ﴿وَدَانِيَةً﴾ خبر، والجملة في موضع الحال، والمعنى : لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً والحال أن ظلالها دانية عليهم.
السؤال الثاني : الظل إنما يوجد حيث توجد الشمس، فإن كان لا شمس في الجنة فكيف يحصل الظل هناك ؟ والجواب : أن المراد أن أشجار الجنة تكون بحيث لو كان هناك شمس لكانت تلك الأشجار مظلله منها.