وقال الفراء :
سورة ( الإنسان )
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً ﴾
قوله تبارك وتعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ...﴾.
معناه: قد أتى على الإنسان حين من الدهر. "وهل" قد تكون جحدا، وتكون خبرا. فهذا من الخبر ؛ لأنك قد تقول: فهل وعظتك؟ فهل أعطيتك؟ تقرره بأنك قد أعطيته ووعظته والجحد أن تقول: وهل يقدر واحد على مثل هذا؟.
وقوله تبارك وتعالى: ﴿لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً...﴾.
يريد: كان شيئا، ولم يكن مذكورا. وذلك من حين خلقه الله من طين إلى أن نفخ فيه الروح.
﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ...﴾.
الأمشاج: الأخلاط، ماء الرجل، وماء المرأة، والدم، والعلَقة، ويقال للشىء من هذا إذا [/ب] خلط: مشيج ؛ كقولك: خليط، وممشوج، كقولك: مخلوط.
وقوله: ﴿نَّبْتَلِيهِ...﴾ والمعنى والله أعلم: جعلناه سميعا بصيرا لنبتليه، فهذه متقدَّمة معناها التأخير، إنما المعنى: خلقناه وجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه.
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾
وقوله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ...﴾.
وإلى السبيل، وللسبيل. كل ذلك جائز فى كلام العرب. يقول: هديناه: عرّفناه السبيل، شكر أو كفر، و (إما) ها هنا تكون جزاء، أى: إن شكر وإن كفر، وتكون على (إما) التى مثل قوله: ﴿إِما يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾ فكأنه قال: خلقناه شقيا أو سعيدا.
﴿ إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿سَلاَسِلَ وَأَغْلاَلاً...﴾.