ويروى : ما ظهر ؛ أي لم يطلع القمر.
فالمعنى لا يرون فيها شمساً كشمس الدنيا ولا قمراً كقمر الدنيا، أي إنهم في ضياء مستديم، لا ليل فيه ولا نهار ؛ لأن ضوء النهار بالشمس، وضوء الليل بالقمر.
وقد مضى هذا المعنى مجوداً في سورة "مريم" عند قوله تعالى :﴿ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٢ ].
وقال ابن عباس : بينما أهل الجنة في الجنة إذ رأوا نوراً ظنوه شمساً قد أشرقت بذلك النور الجنة، فيقولون : قال ربنا :﴿ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً ﴾ فما هذا النور؟ فيقول لهم رضوان : ليست هذه شمس ولا قمر، ولكن هذه فاطمة وعليّ ضحكا، فأشرقت الجنان من نور ضحكهما، وفيهما أنزل الله تعالى :﴿ هَلْ أتى عَلَى الإنسان ﴾ وأنشد :
أنا مَوْلىً لِفَتَى...
أُنْزِلَ فيه هَلْ أَتَى
ذاكَ عليٌّ المُرْتَضَى...
وابن عَمِّ المصطفَى
قوله تعالى :﴿ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا ﴾ أي ظل الأشجار في الجنة قريبة من الأبرار، فهي مُظِلّة عليهم زيادة في نعيمهم وإن كان لا شمس ولا قمر ثَمَّ ؛ كما أن أمشاطهم الذهب والفضة، وإن كان لا وسخ ولا شَعَث ثَمَّ.
ويقال : إن ارتفاع الأشجار في الجنة مقدار مائة عام، فإذا اشتهى وليّ الله ثمرتها دانت حتى يتناولها.
وانتصبت "دَانِيَةً" على الحال عطفاً على ﴿ مُّتَّكِئِينَ ﴾ كما تقول : في الدار عبد الله متكئاً ومرسلة عليه الحجال.
وقيل : انتصبت نعتاً للجنة ؛ أي وجزاهم جنةً دانيةً، فهي صفة لموصوف محذوف.
وقيل : على موضع ﴿ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً ﴾ ويرون دانيةً.
وقيل : على المدح أي دنت دانيةً.
قاله الفراء.
"ظِلاَلُهَا" الظلال مرفوعة بدانية، ولو قريء برفع دانية على أن تكون الظلال مبتدأ ودانية الخبر لجاز، وتكون الجملة في موضع الحال من الهاء والميم في "وجَزَاهُمْ" وقد قريء بذلك.