"فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ" جزاء إطعامهم واعتقادهم وإحسانهم للوقاية من هوله وحسن ظنهم باللّه واللّه عند حسن ظن عبده "وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً" بهاء وبهجة في وجوههم "وَسُرُوراً" (١١) في قلوبهم أشرق لمعانه على وجوههم، لأن فرح القلب يبعث الانطلاق على الوجه فيظهر الابتسام عليه وهو نوره "وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا" على إيثار الفقراء على أنفسهم وعلى فعل الطّاعات والكف عن المعاصي وأذى النّاس إليهم "جَنَّةً وَحَرِيراً" (١٢) يلبسونه في تلك الجنّة "مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ" الأسرة الجميلة خلال الحجال، ولا تسمى أريكة إلّا وهي فيها "لا يَرَوْنَ فِيها" أي تلك الجنّة "شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً" (١٣) لا حرا ولا بردا مزعجين وليسوا بحاجة إلى ضوء الشّمس والقمر لأن الجنّة مضيئة بنفسها بنور ربها المشرق عليها قال تعالى وأشرقت الأرض (أي أرض الجنّة) بنور ربها الآية ٦٩ من سورة الزمر ج ٢، والزمهرير هو القمر على لغة طيء وعليه قولهم :
وليلة ظلامها قد اعتكر قطعتها والزمهرير ما زهر
أي ما درّ وما طلع "وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها" الحاصلة من أشجارها بدليل قوله "وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا" (١٤) أي سخرت للتناول تسخيرا كما يشاء طالبها بحيث يتمكن من قطعها على أي حالة كان راجع الآية ٥٤ من سورة الرّحمن المارة، وقيل المراد بتذليلها ثقل حملها وليس بشيء إذ لا فضل لهم به، والقصد هنا تفضيلهم وإكرامهم حتى في مثل هذا "وَيُطافُ عَلَيْهِمْ" بواسطة الجوار الحسان "بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ" كؤوس ملأى من الشّراب اللّذيذ لها عرى "وَأَكْوابٍ" كيزان لا عرى لها "كانَتْ" هذه الأوان والأكواب "قَوارِيرَا" (١٥)