شفافة لطيفة ليست بجام بل هي "قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ" جامعة بين بياض الفضة وحسنها وصفاء الجام ولطافته بحيث يرى الشّراب من خارجها وتتلون بلون ما فيها "قَدَّرُوها تَقْدِيراً" (١٦) لدى الرّجل الواحد بلا زيادة ولا نقص وهذا يكون في غاية اللّذة، وهكذا كلّ ما في الجنّة كامل طيب "وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً" ملأي خمرا لم تمزج بماء بل "كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا" (١٧) اسم لعين ماء خاص لمزج شراب الأبرار، ولهذا أبدل منه "عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا" (١٨) كانت العرب تضع الزنجبيل في شرابهم لما فيه من الرّائحة واللّذع، قال المسيب ابن علس :
وكأن طعم الزنجبيل إذا ذقته وسلافة الخمر
وقال الأعشى :
كان القرنفل والزنجبيل باتا بقيها وأره مشورا
الأرى العسل، والمشور المستخرج من بيوت النّحل.
وقد ذكره اللّه تعالى لأنه كان مستطابا عند العرب، والآن يضعون اليانسون في شرابهم قبح اللّه شاربيه إذا ماتوا مدمنين عليه، وسميت هذه العين سل سبيلا كأنها تقول لأهل الجنّة اختاروا أي طريق تريدون أن أجري فيه إلى قصوركم وخيامكم.


الصفحة التالية
Icon