اعلم أن في الآية وجهين الأول : قال ابن عباس المعنى أنه يقال لأهل الجنة بعد دخولهم فيها، ومشاهدتهم لنعيمها : إن هذا كان لكم جزاء قد أعده الله تعالى لكم إلى هذا الوقت، فهو كله لكم بأعمالكم على قلة أعمالكم، كما قال حاكياً عن الملائكة : إنهم يقولون لأهل الجنة :﴿سلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عقبى الدار﴾ [ الرعد : ٢٤ ] وقال :﴿كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِى الأيام الخالية﴾ [ الحاقة : ٢٤ ] والغرض من ذكر هذا الكلام أن يزداد سرورهم، فإنه يقال للمعاقب : هذا بعملك الرديء فيزداد غمه وألم قلبه، ويقال للمثاب : هذا بطاعتك، فيكون ذلك تهنئة له وزيادة في سروره، والقائل بهذا التفسير جعل القول مضمراً، أي ويقال لهم : هذا الكلام الوجه الثاني : أن يكون ذلك إخباراً من الله تعالى لعباده في الدنيا، فكأنه تعالى شرح جواب أهل الجنة، أن هذا كان في علمي وحكمي جزاء لكم يا معاشر عبادي، لكم خلقتها، ولأجلكم أعددتها، وبقي في الآية سؤالان :
السؤال الأول : إذا كان فعل العبد خلقاً لله، فكيف يعقل أن يكون فعل الله جزاء على فعل الله ؟ الجواب : الجزء هو الكافي، وذلك لا ينافي كونه فعلاً لله تعالى.


الصفحة التالية
Icon