السؤال الثاني : كون سعي العبد مشكوراً لله يقتضي كون الله شاكراً له والجواب : كون الله تعالى شاكراً للعبد محال إلا على وجه المجاز، وهو من ثلاثة أوجه الأول : قال القاضي : إن الثواب مقابل لعلمهم، كما أن الشكر مقابل للنعم الثاني : قال القفال : إنه مشهور في كلام الناس، أن يقولوا : للراضي بالقليل والمثني به إنه شكور، فيحتمل أن يكون شكر الله لعباده هو رضاه عنهم بالقليل من الطاعات، وإعطاؤه إياهم عليه ثواباً كثيراً الوجه الثالث : أن منتهى درجة العبد أن يكون راضياً من ربه مرضياً لربه على ما قال :﴿ياأيتها النفس المطمئنة * ارجعى إلى رَبّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً﴾ [ الفجر : ٢٧، ٢٨ ] وكونها راضية من ربه، أقل درجة من كونها مرضية لربه، فقوله :﴿إِنَّ هذا كَانَ لَكُمْ جَزَاء﴾ إشارة إلى الأمر الذي به تصير النفس راضية من ربه وقوله :﴿وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً﴾ إشارة إلى كونها مرضية لربه، ولما كانت هذه الحال أعلى المقامات وآخر الدرجات لا جرم وقع الختم عليها في ذكر مراتب أحوال الأبرار والصديقين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٠ صـ ٢٢١ ـ ٢٢٥﴾


الصفحة التالية
Icon