ثم قيل :"أو" في قوله تعالى :﴿ آثِماً أَوْ كَفُوراً ﴾ أَوْكَد من الواو ؛ لأن الواو إذا قلت : لا تطع زيداً وعمراً فأطاع أحدهما كان غير عاص ؛ لأنه أمره ألا يطيع الاثنين، فإذا قال :﴿ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ﴾ ف"أو" قد دلّت على أن كل واحد منهما أهل أن يُعصَى ؛ كما أنك إذا قلت : لا تخالف الحسن أو ابن سيرين، أو اتبع الحسن أو ابن سيرين فقد قلت : هذان أهل أن يُتَّبعا وكل واحد منهما أهل لأن يُتَّبع ؛ قاله الزجاج.
وقال الفرّاء :"أو" هنا بمنزلة "لا" كأنه قال : ولا كفوراً ؛ قال الشاعر :
لاَ وَجْدُ ثَكْلَى كما وَجَدْتُ وَلاَ...
وَجْدُ عَجُولٍ أَضَلَّهَا رُبَعُ
أَوْ وَجْدُ شيخٍ أَضَلَّ ناقَتهُ...
يَوْمَ تَوافَى الحجيجُ فاندفعوا
أراد ولا وجد شيخ.
وقيل : الآثم المنافق، والكفور الكافر الذي يظهر الكفر ؛ أي لا تطع منهم آثماً ولا كفوراً.
وهو قريب من قول الفراء.
قوله تعالى :﴿ واذكر اسم رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ أي صلّ لربّك أول النهار وآخره، ففي أوّله صلاة الصبح وفي آخره صلاة الظهر والعصر.
﴿ وَمِنَ الليل فاسجد لَهُ ﴾ يعني صلاة المغرب والعشاء الآخرة.
﴿ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ﴾ يعني التطوّع في الليل ؛ قاله ابن جبيب.
وقال ابن عباس وسفيان ؛ كلّ تسبيح في القرآن فهو صلاة.
وقيل : هو الذكر المطلق سواء كان في الصلاة أو في غيرها.
وقال ابن زيد وغيره : إن قوله :﴿ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ﴾ منسوخ بالصلوات الخمس.
وقيل : هو ندب.
وقيل : هو مخصوص بالنبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقد تقدّم القول في مثله في سورة "المزمل" وقول ابن حبيب حسن.
وجمع الأصيل : الأصائل والأُصُل ؛ كقولك سَفَائن وسُفُن ؛ قال :
ولا بأحسنَ منها إذ دنا الأُصُلُ...
وقال في الأصائل، وهو جمع الجمع :
لَعَمْرِي لأَنْتَ البيتُ أُكْرِمَ أَهْلَهُ...
وأَقعدُ في أَفْيَائِهِ بِالأَصَائِلِ