قال ابن عباس رضي الله عنهما : يوم يفصل الرحمن بين الخلائق، وهذا كقوله :﴿إِنَّ يَوْمَ الفصل ميقاتهم أَجْمَعِينَ﴾ [ الدخان : ٤٠ ].
ثم أتبع ذلك تعظيماً ثانياً فقال :
وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤)
أي وما علمك بيوم الفصل وشدته ومهابته.
ثم أتبعه بتهويل ثالث فقال :
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)
أي للمكذبين بالتوحيد والنبوة والمعاد وبكل ما ورد من الأنبياء عليهم السلام وأخبروا عنه، بقي ههنا سؤالان.
السؤال الأول : كيف وقع النكرة مبتدأ في قوله :﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ﴾ ؟ الجواب : هو في أصله مصدر منصوب ساد مسد فعله، ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه، ونحوه ﴿سلام عَلَيْكُمُ﴾ [ الزمر : ٧٣ ] ويجوز ويلا بالنصب، ولكن لم يقرأ به.
السؤال الثاني : أين جواب قوله :﴿فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ﴾ ؟ الجواب : من وجهين أحدهما : التقدير : إنما توعدون لواقع، إذا النجوم طمست، وهذا ضعيف، لأنه يقع في قوله :﴿فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ﴾، الثاني : أن الجواب محذوف، والتقدير ﴿فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ﴾ وإذا وإذا، فحينئذ تقع المجازاة بالأعمال وتقوم القيامة.
أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦)
اعلم أن المقصود من هذه الصورة تخويف الكفار وتحذيرهم عن الكفر.
فالنوع الأول : من التخويف أنه أقسم على أن اليوم الذي يوعدون به، وهو يوم الفصل واقع ثم هول فقال :﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الفصل﴾ [ المرسلات : ١٤ ] ثم زاد في التهويل فقال :﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ﴾ [ المرسلات : ١٥ ].
والنوع الثاني من التخويف : ما ذكر في هذه الآية.
وهو أنه أهلك الكفرة المتقدمين بسبب كفرهم.


الصفحة التالية
Icon