أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥)
اعلم أن هذا هو النوع الرابع من تخويف الكفار وذلك لأنه ذكرهم بالنعم التي له عليهم في الأنفس، وفي هذه الآية ذكرهم بالنعم التي له عليهم في الآفاق، ثم قال في آخر الآية :﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ﴾ والسبب فيه ما قدمنا أن النعم كلما كانت أكثر كانت الجناية أقبح فكان استحقاق الذم عاجلاً والعقاب آجلاً أشد، وإنما قدم تلك الآية على هذه الآية، لأن النعم التي في الأنفس كالأصل للنعم التي في الآفاق، فإنه لولا الحياة والسمع والبصر والأعضاء السليمة لما كان الانتفاع بشيء من المخلوق ممكناً.
واعلم أنه تعالى ذكر ههنا ثلاثة أشياء أولها : الأرض، وإنما قدمها لأن أقرب الأشياء إلينا من الأمور الخارجية هو الأرض، ومعنى الكفات في اللغة الضم والجمع يقال : كفت الشيء أي ضممته، ويقال : جراب كفيت وكفت إذا كان لا يضيع شيئاً مما يجعل فيه، ويقال للقدر : كفت.


الصفحة التالية
Icon