قال صاحب الكشاف : هو اسم ما يكفت، كقولهم الضمام والجماع لما يضم ويجمع، ويقال : هذا الباب جماع الأبواب، وتقول : شددت الشيء ثم تسمي الخيط الذي تشد به الشيء شداداً، وبه انتصب أحياء وأمواتاً كأنه قيل : كافتة أحياء وأمواتاً، أو بفعل مضمر يدل عليه وهو نكفت ويكون المعنى نكفتكم أحياء وأمواتاً، فينصبان على الحال من الضمير هذا هو اللغة، ثم في المعنى وجوه أحدها : أنها تكفت أحياء على ظهرها وأمواتاً في بطنها والمعنى أن الأحياء يسكنون في منازلهم والأموات يدفنون في قبورهم، ولهذا كانوا يسمون الأرض إما لأنها في ضمها للناس كالأم التي تضم ولدها وتكفله، ولما كانوا يضمون إليها جعلت كأنها تضمهم وثانيها : أنها كفات الأحياء بمعنى أنها تكفت ما ينفصل الأحياء من الأمور المستقذرة، فأما أنها تكفت ( الأحياء ) حال كونهم على ظهرها فلا وثالثها : أنها كفات الأحياء بمعنى أنها جامعة لما يحتاج الإنسان إليه في حاجاته من مأكل ومشرب، لأن كل ذلك يخرج من الأرض والأبنية الجامعة للمصالح الدافعة للمضار مبنية منها ورابعها : أن قوله :﴿أَحْيَاء وأمواتا﴾ معناه راجع إلى الأرض، والحي ما أنبت والميت مالم ينبت، بقي في الآية سؤالان :
الأول : لم قيل :﴿أَحْيَاء وأمواتا﴾ على التنكير وهي كفات الأحياء والأموات جميعاً ؟ الجواب : هو من تنكير التفخيم، كأنه قيل : تكفت أحياء لا يعدون، وأمواتاً لا يحصرون.
السؤال الثاني : هل تدل هذه الآية على وجوب قطع النباش ؟ الجواب : نقل القفال أن ربيعة قال : دلت الآية على أن الأرض كفات الميت فتكون حرزاً له، والسارق من الحرز يجب عليه القطع.


الصفحة التالية
Icon