النوع الثاني : من النعم المذكورة في هذه الآية قوله تعالى :﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ شامخات﴾ فقوله :﴿رَوَاسِىَ﴾ أي ثوابت على ظهر الأرض لا تزول و ﴿شامخات﴾ أي عاليات، وكل عال فهو شامخ، ويقال : للمتكبر شامخ بأنفه، ومنافع خلقة الجبال قد تقدمت في هذا الكتاب.
النوع الثالث : من النعم قوله تعالى :﴿وأسقيناكم مَّاء فُرَاتاً﴾ الفرات هو الغاية في العذوبة، وقد تقدم تفسيره في قوله :﴿هذا عَذبٌ فُرَاتٌ﴾ [ الفرقان : ٥٣ ]
انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩)
اعلم أن هذا هو النوع الخامس : من وجوه تخويف الكفار وهو بيان كيفية عذابهم في الآخرة فأما قوله :﴿انطلقوا إلى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ﴾ فالمعنى أنه يقال لهم : انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون من العذاب، والظاهر أن القائلين هم خزنة النار وانطلقوا الثاني تكرير، وقرأ يعقوب ﴿انطلقوا﴾ على لفظ الماضي، والمعنى أنهم انقادوا للأمر لأجل أنهم مضطرون إليه لا يستطيعون امتناعاً منه، وهذا بعيد لأنه كان ينبغي أن يقال : فانطلقوا بالفاء، ليرتبط آخر الكلام بأوله، قال المفسرون : إن الشمس تقرب يوم القيامة من رؤوس الخلائق، وليس عليهم يومئذ لباس ولا كنان، فتلفحهم الشمس وتسفعهم وتأخذ بأنفاسهم ويمتد ذلك اليوم، ثم ينجي الله برحمته من يشاء إلى ظل من ظله فهناك يقولون :﴿فَمَنَّ الله عَلَيْنَا ووقانا عَذَابَ السموم﴾ [ الطور : ٢٧ ] ويقال للمكذبين : انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون من عذاب الله وعقابه، وقوله :﴿إلى ظِلّ﴾ يعني دخان جهنم كقوله :﴿وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ﴾ [ الواقعة : ٤٣ ] ثم إنه تعالى وصف هذا الظل بصفات :