وقيل : هي كِفات للأحياء يعني دفن ما يخرج من الإنسان من الفضلات في الأرض ؛ إذ لا ضَمّ في كون الناس عليها، والضَّمّ يشير إلى الاحتفاف من جميع الوجوه.
وقال الأخفش وأبو عبيدة ومجاهد في أحد قوليه : الأحياء والأموات ترجع إلى الأرض، أي الأرض منقسمة إلى حيّ وهو الذي ينبت، وإلى ميت وهو الذي لا ينبت.
وقال الفراء : انتصب ﴿ أَحْيَآءً وَأَمْواتاً ﴾ بوقوع الكِفات عليه ؛ أي ألم نجعل الأرض كِفات أحياء وأموات.
فإذا نوّنت نصبت ؛ كقوله تعالى :﴿ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ﴾ [ البلد : ١٤-١٥ ].
وقيل : نصب على الحال من الأرض، أي منها كذا ومنها كذا.
وقال الأخفش :"كِفَاتًا" جمع كافتة والأرض يراد بها الجمع فنعتت بالجمع.
وقال الخليل : التكفيت : تقليب الشيء ظهراً لبطن أو بطناً لظهر.
ويقال : انكفت القومُ إلى منازلهم أي انقلبوا.
فمعنى الكِفات أنهم يتصرفون على ظهرها وينقلبون إليها ويدفنون فيها.
﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا ﴾ أي في الأرض ﴿ رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ ﴾ يعني الجبال، والرواسي الثوابت، والشامخات الطوال ؛ ومنه يقال : شمخ بأنفه إذا رفعه كبراً.
قال :﴿ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً ﴾ أي وجعلنا لكم سُقْيا.
والفُرَات : الماء العذب يشرب ويسقي منه الزرع.
أي خلقنا الجبال وأنزلنا الماء الفرات.
وهذه الأمور أعجب من البعث.
وفي بعض الحديث قال أبو هريرة : في الأرض من الجنة الفُرَات والدّجلة ونهر الأردن.
وفي صحيح مسَلم سيحان وَجَيْحان والنيل والفُرات كلّ من أنهار الجنة.
قوله تعالى :﴿ انطلقوا إلى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾
أي يقال للكفار سيروا ﴿ إلى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ من العذاب يعني النار، فقد شاهدتموها عياناً.
﴿ انطلقوا إلى ظِلٍّ ﴾ أي دخان ﴿ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ ﴾ يعني الدخان الذي يرتفع ثم يتشعب إلى ثلاث شعب.
وكذلك شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعب.


الصفحة التالية
Icon