وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ والمرسلات عُرْفاً ﴾
قال جمهور المفسرين : هي الرياح.
وقيل : هي الملائكة، وبه قال مقاتل، وأبو صالح، والكلبي.
وقيل : هم الأنبياء، فعلى الأوّل أقسم سبحانه بالرياح المرسلة لما يأمرها به، كما في قوله :﴿ وَأَرْسَلْنَا الرياح لَوَاقِحَ ﴾ [ الحجر : ٢٣ ] وقوله :﴿ يُرْسِلُ الرياح ﴾ [ الروم : ٤٨ ] وغير ذلك.
وعلى الثاني أقسم سبحانه بالملائكة المرسلة بوحيه وأمره ونهيه.
وعلى الثالث أقسم سبحانه برسله المرسلة إلى عباده لتبليغ شرائعه، وانتصاب ﴿ عُرْفاً ﴾ إما على أنه مفعول لأجله، أي : المرسلات لأجل العرف، وهو ضدّ النكر، ومنه قول الشاعر :
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه... لا يذهب العرف بين الله والناس
أو على أنه حال بمعنى متتابعة يتبع بعضها بعضاً كعرف الفرس، تقول العرب : سار الناس إلى فلان عرفاً واحداً : إذا توجهوا إليه، وهم على فلان كعرف الضبع : إذا تألبوا عليه، أو على أنه مصدر كأنه قال : والمرسلات إرسالاً، أي : متتابعة، أو على أنه منصوب بنزع الخافض، أي : والمرسلات بالعرف.
قرأ الجمهور :﴿ عرفاً ﴾ بسكون الراء.
وقرأ عيسى بن عمر بضمها.
وقيل : المراد بالمرسلات السحاب لما فيها من نعمة ونقمة :﴿ فالعاصفات عَصْفاً ﴾ وهي الرياح الشديدة الهبوب.
قال القرطبي بغير اختلاف : يقال عصف بالشيء : إذا أباده وأهلكه، وناقة عصوف، أي : تعصف براكبها، فتمضي كأنها ريح في السرعة، ويقال عصفت الحرب بالقوم إذا ذهبت بهم.
وقيل : هي الملائكة الموكلون بالرياح يعصفون بها، وقيل : يعصفون بروح الكافر.
وقيل : هي الآيات المهلكة كالزلازل، ونحوها ﴿ والناشرات نَشْراً ﴾ يعني : الرياح تأتي بالمطر، وهي تنشر السحاب نشراً، أو الملائكة الموكلون بالسحاب ينشرونها، أو ينشرون أجنحتهم في الجوّ عند النزول بالوحي، أو هي الأمطار لأنها تنشر النبات.