والقسم الثاني : ما يكون بين العباد بعضهم مع بعض، فإن هذا يدعى على ذاك أنه ظلمني وذاك يدعى على هذا أنه قتلني فههنا لا بد فيه من الفصل وقوله :﴿جمعناكم والأولين﴾ كلام موضح لقوله :﴿هذا يَوْمُ الفصل﴾ لأنه لما كان هذا اليوم يوم فصل حكومات جميع المكلفين فلا بد من إحضار جميع المكلفين لا سيما عند من لا يجوز القضاء على الغائب، ثم قال :﴿فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ﴾ يشير به إلى أنهم كانوا يدفعون الحقوق عن أنفسهم بضروب الحيل والكيد فكأنه قال : فههنا إن أمكنكم أن تفعلوا مثل تلك الأفعال المنكرة من الكيد والمكر والخداع والتلبيس فافعلوا، وهذا كقوله تعالى :﴿فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّن مِّثْلِهِ﴾ [ البقرة : ٢٣ ] ثم إنهم يعلمون أن الحيل منقطعة والتلبيسات غير ممكنة، فخطاب الله تعالى لهم في هذه الحالة بقوله :﴿فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ﴾ نهاية في التخجيل والتقريع، وهذا من جنس العذاب الروحاني، فلهذا قال عقيبه :﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٠ صـ ٢٤٥ ـ ٢٤٧﴾