جمع مخصوص بالأمر مقابل النهي ففي كلامه الاكتفاء وخص الأمر بالذكر قيل لأنه أهم مع أنه لا يؤدي ما يراد من النهي بصيغته كدع مثلاً وقيل في عطف ﴿ الناشرات ﴾ بالواو دون الفاء وعطف ﴿ الفارقات ﴾ به أن النشر عليه بمعنى الإشاعة للشرائع وهو يكون بعد الوحي والدعوة والقبول ويقتضي زماناً فلذا جيء بالواو ولم يقرن بالفاء التعقيبية وإذا حصل النشر ترتب عليه الفرق من غير مهلة ولا يتوهم أنه كان حق الناشرات حينئذ ثم لأنه لا يتعلق القصد ههنا بالتراخي ويبقى الكلام في وجه تقديم نشر الشرائع أو نشر النفوس والفرق على الإلقاء مع أنهما بعده في الواقع فقيل الإيذان بكونهما غاية للإلقاء حقيقة بالاعتناء أو الإشعار بأن كلا من الأوصاف مستقل بالدلالة على استحقاق التعظيم كما سمعت على أن باب التأويل واسع فتذكر وقيل أقسم سبحانه بإفراد نوعين من الرياح فيقدر للمرسلات موصوف وللناشرات موصوف آخر ويراد بالمرسلات الرياح المرسلة للعذاب لأن الإرسال شاع فيه وبالناشرات رياح رحمة وحاصله أنه جل وعلا أقسم برياح عذاب أرسلهن فعصفن ورياح رحمة نشرن السحاب في الجو ففرقنه على البقاع فألقين ذكراً إما عذراً للذين يعتذرون إلى الله تعالى بتوبتهم واستغفارهم إذا شاهدوا آثار رحمته تعالى في الغيث وإما إنذاراً للذين يكفرون ذلك وينسبونه إلى الأنواء ونحوها وإسناد إلقاء الذكر إليهن لكونهن سبباً في حصوله إذا شكرت النعمة فيهن أو كفرت فالتجوز في الإسناد والمراد بعرفاً متتابعة أو الناشرات رياح رحمة نشرن النبات وأبرزنه أي صرن سبباً لذلك بنشر السحاب وإدراره ففرقن كل صنف منه عن سائر الأصناف بالشكل واللون وسائر الخواص فتسببن ذكراً إما عذراً للشاكرين وأما نذراً للكافرين وقيل أقسم سبحانه أولاً بالرياح وثانياً بسحائب نشرن الموات ففرقن بين من يشكر وبين من يكفر كقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon