﴿ لاسقيناهم مَّاء غَدَقاً لنفتنهم فيه ﴾ [ الجن : ١٦، ١٧ ] فتسببن ذكراً أما وإما وقيل أقسم جل وعلا بآيات القرآن المرسلة إلى رسول الله ﷺ فضلاً وإحساناً أو شيئاً بعد شيء لأنها نزلت منجمة فعصفن وآذهبن سائر الكتب بالنسخ ونشرن آثار الهدى في مشارق الأرض ومغاربها وفرقن بين الحق والباطل فألقين ذكر الحق في أكناف العالمين وقيل أقسم جل جلاله برسله من البشر أرسلوا إحساناً وفضلاً كما هو المذهب الحق لا وجوباً كما زعم من زعم فاشتدوا وعظم أمرهم ونشروا دينهم وما جاؤا به ففرقوا بين الحق والباطل والحلال والحرام فألقوا ذكراً بين المكلفين ويجوز أن يراد على هذا بعرفاً متتابعة وقيل أقسم تبارك وتعالى بالنفوس الكاملة أي المخلوقة على صفة الكمال والاستعداد لقبول ما كلفت به وخلقت لأجله المرسلة إحساناً إلى الأبدان لاستكمالها فعصفهن وأذهبن ما سوى الحق بالنظر في الأدلة الحقة ففرقن بين الحق المتحقق بذاته الذي لا مدخل للغير فيه وهو واجب الوجود سبحانه وبين الباطل المعدوم في نفسه فرأين كل شيء هالكاً إلا وجهه فألقين في القلوب والألسنة ومكن فيها ذكره تعالى فليس في قلوبها وألسنتها إلا ذكره عز وجل أو طرحن ذكر غيره سبحانه عن القلوب والألسنة فلا ذكر فيها لما عداه وقيل الثلاثة الأول الرياح والأخيرتان الملائكة عليهم السلام وقيل بالعكس والمناسبة باللطافة وسرعة الحركة وقيل الأولتان الملائكة إلا أن المرسلات ملائكة الرحمة والعاصفات ملائكة العذاب والثلاثة الأخيرة آيات القرآن النازلة بها الملائكة وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من وجه عن أبي صالح أنه قال :﴿ والمرسلات عُرْفاً ﴾ الرسل ترسل بالمعروف ﴿ فالعاصفات عَصْفاً ﴾ الريح ﴿ والناشرات نَشْراً ﴾ المطر ﴿ فالفارقات فَرْقاً ﴾ الرسل ومن وجه آخر ﴿ والمرسلات عُرْفاً ﴾ الملائكة ﴿ فالعاصفات عَصْفاً ﴾ الرياح العواصف ﴿ والناشرات نَشْراً ﴾ الملائكة ينشرون الكتب أي


الصفحة التالية
Icon