﴿ إِنَّ المتقين ﴾ من الكفرِ والتكذيبِ ﴿ فِى ظلال وَعُيُونٍ * وفواكه مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ أي مستقرونَ في فنونِ الترفِه وأنواعِ التنعمِ ﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ مقدرٌ بقولٍ هو حالٌ من ضمير المتقينَ في الخبر أي مقولاً لهم كلُوا واشربُوا هنيئاً بما كنتُم تعملونَهُ في الدُّنيا من الأعمال الصالحةِ ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ ﴾ الجزاءِ العظيمِ ﴿ نَجْزِى المحسنين ﴾ أيْ في عقائدِهم وأعمالِهم لا جزاءً أَدْنَى منْهُ ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ﴾ حيثُ نالَ أعداؤُهم هذا الثوابَ الجزيلَ وهُم بقُوا في العذاب المخلَّدِ الوبيلِ ﴿ كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ ﴾ مقدرٌ بقولٍ هو حالٌ من المكذبينَ أي الويلُ ثابتٌ لهم مقولاً لهم ذلكَ تذكيراً لهم بحالِهم في الدُّنيا وبما جنَوا على أنفسِهم من إيثارِ المتاعِ الفانِي عن قريبٍ على النعيمِ الخالدِ وعللَ وذلكَ بإجرامِهم دلالةً على أنَّ كلَّ مجرمٍ مآلهُ هَذا، وقيلَ : هو كلامٌ متسأنفٌ خُوطبَ به المكذبونَ في الدُّنيا بعدَ بيان مآلِ جالِهم وقررَ ذلكَ بقولِه تعالى :
﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ﴾ لزيادة التوبيخِ والتقريعِ ﴿ وَإذَا قِيلَ لَهُمُ اركعوا ﴾ أي أطيعُوا الله واخشعُوا وتواضعُوا له بقبولِ وحيهِ واتباعِ دينهِ وارفضُوا هذا الاستكبارَ والنخوةَ ﴿ لاَ يَرْكَعُونَ ﴾ لا يخشعُون ولا يقبلُون ذلكَ ويصرونَ على ما هُم عليهِ من الاستكبارِ، وقيلَ : إذَا أُمروا بالصَّلاةِ أو الركوعِ لا يفعلونَ إذْ رُويَ أنه نزلَ حينَ أُمرَ رسولُ الله ﷺ ثقيفاً بالصَّلاةِ فقالُوا لا نَجبى فإنَّها مسبَّةً علينا فقالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ :" لا خيرَ في دينٍ ليس فيه ركوعٌ ولا سجودٌ " وقيلَ : هُو يومَ القيامةِ حينَ يُدعونَ إلى السجودِ فَلا يستطيعونَ.