قال مقاتل : يقول إن كان لكم حيلة فاحتالوا لأنفسكم.
وقيل المعنى : فإن قدرتم على حرب فحاربون.
وقيل : إن هذا من قول النبيّ ﷺ، فيكون كقول هود :﴿ فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ ﴾ [ هود : ٥٥ ] ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ﴾ لأنه قد ظهر لهم عجزهم، وبطلان ما كانوا عليه في الدنيا.
ثم ذكر سبحانه المؤمنين فقال :﴿ إِنَّ المتقين فِى ظلال وَعُيُونٍ ﴾ أي : في ظلال الأشجار وظلال القصور، لا كالظلّ الذي للكفار من الدخان، أو من النار كما تقدّم.
قال مقاتل، والكلبي : المراد بالمتقين الذين يتقون الشرك بالله ؛ لأن السورة من أوّلها إلى آخرها في تقريع الكفار على كفرهم.
قال الرازي : فيجب أن تكون هذه الآية مذكورة لهذا الغرض، وإلاّ لتفككت السورة في نظمها وترتيبها، وإنما يتمّ النظم بأن يكون الوعد للمؤمنين بسبب إيمانهم، فأما جعله سبباً للطاعة فلا يليق بالنظم كذا قال والمراد بالعيون الأنهار، وبالفواكه ما يتفكه به مما تطلبه أنفسهم وتستدعيه شهواتهم.
﴿ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ أي : يقال لهم ذلك، فالجملة مقدّرة بالقول، وهي في محل نصب على الحال من ضمير المتقين، والباء للسببية، أي : بسبب ما كنتم تعملونه في الدنيا من الأعمال الصالحة.
﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين ﴾ أي : مثل ذلك الجزاء العظيم نجزي المحسنين في أعمالهم، قرأ الجمهور.
﴿ في ظلال ﴾.
وقرأ الأعمش، والزهري، وطلحة، والأعرج :( في ظلل ) جمع ظلة ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ﴾ حيث صاروا في شقاء عظيم، وصار المؤمنون في نعيم مقيم.