﴿ كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ ﴾ الجملة بتقدير القول في محل نصب على الحال من المكذبين، أي : الويل ثابت لهم في حال ما يقال لهم ذلك تذكير لهم بحالهم في الدنيا، أو يقال لهم هذا في الدنيا، والمجرمون المشركون بالله، وهذا وإن كان في اللفظ أمراً فهو في المعنى تهديد وزجر عظيم.
﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ﴾ كرّره لزيادة التوبيخ والتقريع.
﴿ وَإذَا قِيلَ لَهُمُ اركعوا لاَ يَرْكَعُونَ ﴾ أي : وإذا أمروا بالصلاة لا يصلون.
قال مقاتل : نزلت في ثقيف امتنعوا من الصلاة بعد أن أمرهم النبيّ ﷺ بها فقالوا : لا ننحني، فإنها مسبة علينا، فقال النبيّ ﷺ :" لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود " وقيل : إنما يقال لهم ذلك في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
وقيل : المعنى بالركوع : الطاعة والخشوع.
﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ﴾ بأوامر الله سبحانه ونواهيه ﴿ فَبِأَيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ أي : فبأيّ حديث بعد القرآن يصدّقون إذا لم يؤمنوا به.
قرأ الجمهور :﴿ يؤمنون ﴾ بالتحتية على الغيبة.
وقرأ ابن عامر في رواية عنه، ويعقوب بالفوقية على الخطاب.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بِشَرَرٍ كالقصر ﴾ قال : كالقصر العظيم، وقوله :﴿ جمالة صُفْرٌ ﴾ قال : قطع النحاس.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وهناد، وعبد بن حميد، والبخاري، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم، وابن مردويه من طريق عبد الرحمن بن عابس قال : سمعت ابن عباس يسأل عن قوله :﴿ إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كالقصر ﴾ قال : كنا نرفع الخشب بقدر ثلاثة أذرع أو أقلّ، فنرفعه للشتاء، فنسميه القصر.
قال : وسمعته يسأل عن قوله :﴿ جمالة صُفْرٌ ﴾ قال : حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى يكون كأوساط الرجال.


الصفحة التالية
Icon