فصل
قال السمرقندى فى الآيات السابقة :
قوله تعالى :﴿ والمرسلات عُرْفاً ﴾
قال الكلبي، ومقاتل يعني : الملائكة أرسلوا بالمعروف.
ويقال : كثرتها لها عرف كعرف الفرس.
وقال أهل اللغة : ويحتمل وجهين، أحدهما : أنها متتابعة بعضها في إثر بعض، وهو مشتق من عرف الفرس.
ووجه آخر : أنه يرسل بالعرف، أي : بالمعروف.
وروى سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم البطين، عن أبي عبيدة الساعدي قال : سألت عبد الله بن مسعود، رضي الله عنهما عن قوله :﴿ والمرسلات عُرْفاً ﴾ قال : الريح ﴿ فالعاصفات عَصْفاً ﴾ قال : الريح ﴿ والناشرات نَشْراً ﴾ قال : الريح ﴿ فالفارقات فَرْقاً ﴾ قال : حسبك معناه ﴿ والمرسلات عُرْفاً ﴾ يعني : أرسل الرياح متتابعة كعرف الفرس ﴿ فالعاصفات عَصْفاً ﴾ يعني : الريح الشديدة التي تدر التراب بالبراري، وسمي ريح عاصف ﴿ والناشرات نَشْراً ﴾ يعني : الريح التي تنشر السحاب.
ويقال ﴿ والناشرات نَشْراً ﴾ يعني : البعث يوم القيامة، ويقال : الملائكة الذين ينشرون من الكتاب.
﴿ فالفارقات فَرْقاً ﴾ يعني : القرآن فرق بين الحق والباطل.
ويقال : هو القبر فرق بين الدنيا والآخرة.
ويقال : آيات القرآن، التي فيها بيان عقوبة الكفار.
﴿ فالملقيات ذِكْراً ﴾ يعني : فالمنزلات وحياً، وهم الملائكة ﴿ عُذْراً أَوْ نُذْراً ﴾ يعني : أنزل الوحي عذراً من الله تعالى من الظلم، أو نذراً لخلقه من عذابه.
قرأ حمزة، والكسائي، وأبو عمرو، وعاصم في رواية حفص، بضم العين وجزم الذال، أو نذراً بضم النون وجزم الذال.
والباقون بضم الحرفين في كليهما، فمعناهما إنذار، وهو جمع نذر يعني : لإنذار.
ومن قرأ بالجزم فمعناه كذلك، وهو للتخفيف، وإنما نصب عذراً أو نذراً، لأنهما مفعولاً لهما فمعناه ﴿ فالملقيات ذِكْراً ﴾ للإعذار والإنذار.
ثم قال عز وجل :﴿ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لواقع ﴾ وهو جواب قسم.