وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مِهَاداً ﴾ :
دلهم على قدرته على البعث ؛ أي قُدْرتنا على إيجاد هذه الأمور أعظم من قدرتنا على الإعادة.
والمِهاد : الوِطاء والفراش.
وقد قال تعالى :﴿ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض فِرَاشاً ﴾ [ البقرة : ٢٢ ] وقُرِىء "مَهْداً".
ومعناه أنها لهم كالمهد للصبيّ وهو ما يمهد له فينوّم عليه ﴿ والجبال أَوْتَاداً ﴾ أي لتسكن ولا تتكَفْأ ولا تميل بأهلها.
﴿ وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً ﴾ أي أصنافاً : ذكراً وأنثى.
وقيل : ألواناً.
وقيل : يدخل في هذا كل زوج من قبيح وحسن، وطويل وقصير ؛ لتختلف الأحوال فيقع الاعتبار، فيشكر الفاضل ويصبر المفضول.
﴿ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ ﴾ "جعلنا" معناه صَيَّرنا ؛ ولذلك تعدّت إلى مفعولين.
﴿ سُبَاتاً ﴾ المفعول الثاني، أي راحة لأبدانكم، ومنه يوم السَّبْت أي يوم الراحة ؛ أي قيل لبني إسرائيل : استريحوا في هذا اليوم، فلا تعملوا فيه شيئاً.
وأنكر ابن الأنباري هذا وقال : لا يقال للراحة سُبَات.
وقيل : أصله التمدّد ؛ يقال : سبتت المرأة شعرها : إذا حلته وأرسلته، فالسُبَات كالمد، ورجل مسبوت الخلق : أي ممدود.
وإذا أراد الرجل أن يستريح تمدّد، فسميت الراحة سبتا.
وقيل : أصله القُطْع ؛ يقال : سَبَتَ شعره سَبْتا : حَلَقه ؛ وكأنه إذا نام انقطع عن الناس وعن الاشتغال، فالسُّبات يشبه الموت، إلا أنه لم تفارقه الروح.
ويقال : سَير سَبْت : أي سهل لين ؛ قال الشاعر :
وَمطْويةِ الأقرابِ أمّا نهارُها...
فَسَبْتٌ وأمّا ليلُها فذَمِيلُ
قوله تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً ﴾ أي تلبَسكم ظلمته وتغشاكم ؛ قاله الطبري.
وقال ابن جُبير والسُّدي : أي سَكنا لكم.