النارُ إذا أضاءتْ أو البالغُ في الحرارةِ من الوهجِ والمرادُ به الشمسُ والتعبيرُ عنها بالسراجِ من روادفِ التعبيرِ عن خلقِ السمواتِ بالبناءِ.
﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات ﴾ هي السحائبُ إذا أَعْصرتْ أي شَارفتْ أنْ تعصُرَها الرياحُ فتمطرَ كما في أحصدَ الزرعُ إذا حانَ له أنْ يُحصدَ ومنه أعصرتِ الجاريةُ إذا دنتْ أنْ تحيضَ، أو الرياحُ التي حانَ لها أن تعصُرَ السحابَ. وقُرِىءَ بالمعصرات ووجهُ ذلكَ أنَّ الإنزالَ حيثُ كانَ من المعصراتِ سواء أريدَ بها السحائبَ أو الرياحَ فقد كانَ بها كما يقالُ أعطاهُ من يدِه وبيدِه وقد فسرتِ المعصراتُ بالرياحِ ذواتِ الأعاصيرِ ووجههُ أنَّ الرياحَ هي التي تنشىءُ السحابَ وتقدرُ أخلافَه فصلحتْ أنْ تجعلَ مبتدأً للإنزالِ ﴿ مَآءً ثَجَّاجاً ﴾ أي مُنصبَّاً بكثرةٍ، يقالُ ثجَّ الماءُ أي سالَ بكثرةٍ وثجَّه أيْ أسالَه، ومنه قولُه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ :" أفصلُ الحَجِّ العَجُّ والثَّجُّ " أي رفعُ الصوتِ بالتلبيةِ وصبُّ دماءِ الهَدي. وقُرِىءَ ثَجَّاحاً بالحاءِ بعدَ الجيمِ، قالُوا، مثاجحُ الماءِ مصابُّه.
﴿ لِّنُخْرِجَ بِهِ ﴾ بذلك الماءِ ﴿ حَبّاً ﴾ يقتاتُ كالحنطةِ والشعيرِ ونحوهِما ﴿ وَنَبَاتاً ﴾ يعتلفُ كالتبنِ والحشيشِ، وتقديمُ الحبِّ مع تأخرهِ عن النباتِ في الإخراجِ لأصالتِه وشرفِه لأنَّ غالبَهُ غذاءُ الإنسانِ ﴿ وجنات ﴾ الجنَّةُ في الأصلِ هي المرةُ من مصدرِ جنَّه إذا سترَهُ تطلقُ على النخلِ والشجرِ المتكاثفِ المُظللِ بالتفافِ أغصانِه، قالَ زُهيرٌ بنُ أبي سُلْمَى :
كأنَّ عيني في غَربي مقتلة... منَ النَّواضحِ تَسقِي جنَّةً سُحُقاً