بحث آخر :
من أسرار القرآن
الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية
(٥٥) ﴿ وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ﴾
بقلم: د. زغلول النجار
هذه الآية الكريمة جاءت في أول الثلث الثاني من سورة النبأ وهي سورة مكية، وآياتها اربعون، وقد سميت بهذا الاسم لأن محورها الرئيسي يدور حول يوم القيامة الذي سماه الحق ( تبارك وتعالي ) باسم النبأ العظيم وباسم يوم الفصل لما سوف يصاحبه من اهوال تدمير الكون وتبديله، وبعث الأنفس بعد وفاتها، والفصل بين الناس فيما عملوا في الحياة الدنيا، وهو يوم يختلف فيه الناس بين مؤمن به وكافر، ومصدق به ومكذب لأنه من امور الغيب المطلق الذي لاسبيل امام الانسان لمعرفته الا ببيان من الله الخالق ( سبحانه وتعالي )، بيانا ربانيا خالصا لايداخله أدني قدر من التصورات البشرية، لأن مثل هذه الغيوب المطلقة اذا تركت لتصورات الانسان القاصرة فانه يضل فيها ضلالا بعيدا...!!
وتبدأ سورة النبأ بهذا الاستفهام الاستنكاري، التوبيخي التقريعي للمكذبين بيوم الدين من الكفار والمشركين والمتشككين الذي يقول الحق ( تبارك وتعالي ) فيه
عم يتساءلون، عن النبأ العظيم، الذي هم فيه مختلفون، كلا سيعلمون، ثم كلا سيعلمون ( النبأ : ١ ـ ٥).
وبعد ذلك تستعرض السورة الكريمة عددا من الآيات الكونية الدالة علي طلاقة القدرة الالهية المبدعة في الخلق للاستدلال بها علي أن الخالق المبدع قادر علي إفناء خلقه، وعلي إعادة بعثه من جديد، ومن ثم فقد قرر لذلك البعث يوما محددا بأجل ثابت لايعلمه إلا الله ( تعالي )، وخصصه للفصل بين الخلائق، وحذر من اهوال ذلك اليوم التي تصف السورة جانبا منها يقول فيه ربنا ( تبارك وتعالي ):
إن يوم الفصل كان ميقاتا، يوم ينفخ في الصور فتأتون
أفواجا، وفتحت السماء فكانت ابوابا، وسيرت الجبال فكانت سرابا *
( النبأ : ١٧ ـ ٢٠)


الصفحة التالية
Icon