وفيه وجهان : إن قلنا إنه مرصاد للكفار فقط كان قوله :﴿للطاغين﴾ من تمام ما قبله، والتقدير إن جهنم كانت مرصاداً للطاغين، ثم قوله :﴿مآباً﴾ بدل من قوله :﴿مرصاداً﴾ وإن قلنا بأنها كانت مرصاداً مطلقاً للكفار وللمؤمنين، كان قوله :﴿إن جهنم كانت مرصاداً﴾ [ النبأ : ٢١ ] كلاماً تاماً، وقوله :﴿للطاغين مآباً﴾ كلام مبتدأ كأنه قيل إن جهنم مرصاد للكل، ومآب للطاغين خاصة، ومن ذهب إلى القول الأول لم يقف على قوله مرصاداً أما من ذهب إلى القول الثاني وقف عليه، ثم يقول المراد بالطاغين من تكبر على ربه وطغى في مخالفته ومعارضته، وقوله :﴿مآباً﴾ أي مصيراً ومقراً.
اعلم أنه تعالى لما بين أن جهنم مآب للطاغين، وبين كمية استقرارهم هناك، فقال :﴿لابثين فيها أحقاباً﴾ وههنا مسائل : المسألة الأولى :
قرأ الجمهور :﴿لابثين﴾ وقرأ حمزة لبثين وفيه وجهان قال الفراء هما بمعنى واحد يقال لابث ولبث، مثل ثامع، وطمع، وفاره، وفره، وهو كثير، وقال صاحب الكشاف : واللبث أقوى لأن اللابث من وجد منه اللبث، ولا يقال : لبث إلا لمن شأنه اللبث، وهو أن يستقر في المكان، ولا يكاد ينفك عنه.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon