واعلم أنه تعالى لما شرح أحوال العقاب أولاً، ثم ادعى كونه ﴿جَزَاءً وفاقا﴾ [ النبأ : ٢٦ ] ثم بين تفاصيل أفعالهم القبيحة، وظهر صحة ما ادعاه أولاً من أن ذلك العقاب كان ﴿جَزَاءً وفاقا﴾ لا جرم أعاد ذكر العقاب، وقوله :﴿فَذُوقُواْ﴾ والفاء للجزاء، فنبه على أن الأمر بالذوق معلل بما تقدم شرحه من قبائح أفعالهم، فهذا الفاء أفاد عين فائدة قوله :﴿جَزَاءً وفاقا ﴾.
المسألة الرابعة :
هذه الآية دالة على المبالغة في التعذيب من وجوه : أحدها : قوله :﴿فَلَن نَّزِيدَكُمْ﴾ وكلمة لن للتأكيد في النفي وثانيها : أنه في قوله :﴿كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً﴾ [ النبأ : ٢٧ ] ذكرهم بالمغايبة وفي قوله :﴿فَذُوقُواْ﴾ ذكرهم على سبيل المشافهة وهذا يدل على كمال الغضب وثالثها : أنه تعالى عدد وجوه العقاب ثم حكم بأنه جزاء موافق لأعمالهم ثم عدد فضائحهم، ثم قال :﴿فَذُوقُواْ﴾ فكأنه تعالى أفتى وأقام الدلائل، ثم أعاد تلك الفتوى بعينها، وذلك يدل على المبالغة في التعذيب قال عليه الصلاة والسلام :" هذه الآية أشد ما في القرآن على أهل النار، كلما استغاثوا من نوع من العذاب أغيثوا بأشد منه " بقي في الآية سؤالان :


الصفحة التالية
Icon