السؤال الأول : أليس أنه تعالى قال في صفة الكفار :﴿وَلاَ يُكَلّمُهُمُ الله وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ﴾ [ آل عمران : ٧٧ ] فهنا لما قال لهم :﴿فَذُوقُواْ﴾ فقد كلمهم ؟ الجواب : قال أكثر المفسرين : تقدير الآية فيقال لهم : فذوقوا، ولقائل أن يقول على هذا الوجه لا يليق بذلك القائل أن يقول :﴿فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً﴾ بل هذا الكلام لا يليق إلا بالله، والأقرب في الجواب أن يقال قوله :﴿وَلاَ يُكَلّمُهُمُ﴾ أي ولا يكلمهم بالكلام الطيب النافع، فإن تخصيص العموم غير بعيد لاسيما عند حصول القرينة، فإن قوله :﴿وَلاَ يُكَلّمُهُمُ﴾ إنما ذكره لبيان أنه تعالى لا ينفعهم ولا يقيم لهم وزناً، وذلك لا يحصل إلا من الكلام الطيب.
السؤال الثاني : دلت هذه الآية على أنه تعالى يزيد في عذاب الكافر أبداً، فتلك الزيادة إما أن يقال : إنها كانت مستحقة لهم أو غير مستحقة، فإن كانت مستحقة لهم كان تركها في أول الأمر إحساناً، والكريم إذا أسقط حق نفسه، فإنه لا يليق به أن يسترجعه بعد ذلك، وأما إن كانت تلك الزيادة غير مستحقة كان إيصالها إليهم ظلماً وإنه لا يجوز على الله الجواب : كما أن الشيء يؤثر بحسب خاصية ذاته، فكذا إذا دام ازداد تأثيره بحسب ذلك الدوام، فلا جرم كلما كان الدوام أكثر كان الإيلام أكثر، وأيضاً فتلك الزيادة مستحقة، وتركها في بعض الأوقات لا يوجب الإبراء والإسقاط، والله علم بما أراد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣١ صـ ١٠ ـ ١٩﴾