وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ يَوْمَ الفصل كَانَ مِيقَاتاً ﴾
أي وقتاً ومجمعاً وميعاداً للأوّلين والآخرين ؛ لما وعد الله من الجزاء والثواب.
وسمي يوم الفصل لأن الله تعالى يفصل فيه بين خلقه.
قوله تعالى :﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور ﴾ أي للبعث ﴿ فَتَأْتُونَ ﴾ أي إلى موضع العَرْض، ﴿ أَفْوَاجاً ﴾ أي أمما، كل أمّة مع إمامهم.
وقيل : زمراً وجماعات.
الواحد : فوج.
ونصب يوماً بدلاً من اليوم الأوّل.
وروي من حديث معاذ بن جبل قلت :" يا رسول الله! أرأيت قوله تعالى ﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً ﴾ فقال النبي ﷺ :"يا معاذ بنَ جَبَل لقد سألت عن أمر عظيم" ثم أرسل عينيه باكياً، ثم قال :"يُحشَر عشرة أصناف من أمتي أشتاتاً قد ميزهم الله تعالى من جماعات المسلمين، وبدل صُوَرهم، فمنهم على صورة القِرَدة وبعضهم على صورة الخنازير وبعضهم مُنكَّسون : أرجلهم أعلاهم، ووجوهُهم يُسْحَبون عليها، وبعضهم عُمْي يتردّدون، وبعضهم صُمٌّ بُكْمٌ لا يعقلون، وبعضهم يَمضُغون ألسنتهم، فهي مُدلاَّة على صدورهم، يسيل القَيح من أفواههم لعاباً، يتقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلبون على جذوع من النار، وبعضهم أشدّ نَتْناً من الجِيف، وبعضهم ملبسون جلابيب سابغة من القَطران لاصقة بجلودهم ؛ فأما الذين على صورة القردة فالقَتَّات من الناس يعني النمام وأَما الذين على صورة الخنازير، فأهل السُّحْت والحرام والمَكْس.
وأما المنكَّسون رؤوسهم ووجوههم، فأَكَلة الربا، والعُمْي : من يجور في الحكم، والصم البكم : الذين يعجبون بأعمالهم.
والذين يمضغون ألسنتهم : فالعلماء والقُصّاص الذين يخالف قولهم فعلهم.
والمقطعة أيديهم وأرجلهم : فالذين يؤذون الجيران.