عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما ؛ فالوِفاق بمعنى الموافقة كالقِتال بمعنى المقاتلة.
و"جزاء" نصب على المصدر، أي جازيناهم جزاء وافق أعمالهم ؛ قاله الفَرّاء والأخفش.
وقال الفراء أيضاً : هو جمع الوِفق، والوفق واللفق واحد.
وقال مقاتل : وافق العذاب الذنب، فلا ذنب أعظم من الشرك، ولا عذاب أعظم من النار.
وقال الحسن وعكرمة : كانت أعمالهم سيئة، فأتاهم الله بما يسوءهم.
﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ ﴾ أي لا يخافون ﴿ حِسَاباً ﴾ أي محاسبة على أعمالهم.
وقيل : معناه لا يرجون ثواب حساب.
الزجاج : أي إنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث فيرجون حسابهم.
﴿ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً ﴾ أي بما جاءت به الأنبياء.
وقيل : بما أنزلنا من الكتب.
وقراءة العامة "كِذّاباً" بتشديد الذال، وكسر الكاف، على كَذَّب، أي كَذَّبوا تكذيباً كبيراً.
قال الفراء : هي لغة يمَانِيَة فصيحة ؛ يقولون : كَذَّبت به كِذَّاباً، وخرقت القميص خِرَّاقاً ؛ وكل فِعل في وزن ( فَعَّلَ ) فمصدره فِعَّال مشدد في لغتهم ؛ وأنشد بعض الكلابيين :
لقد طالَ ما ثَبَّطْتني عن صاحبتي...
وعن حِوجٍ قِضَّاؤُها مِن شِفائِتا
وقرأ علي رضي الله عنه "كِذَاباً" بالتخفيف وهو مصدر أيضاً.
وقال أبو عليّ : التخفيف والتشديد جميعاً : مصدر المكاذبة، كقول الأعشى :
فصدقتها وكَذَبتُها...
والمرءُ ينفعهُ كِذَابه
أبو الفتح : جاءا جميعاً مصدر كَذَبَ وكَذَّب جميعاً.
الزمخشري :"كِذَاباً" بالتخفيف مصدر كَذَب ؛ بدليل قوله :
فصدقتُها وكَذَبْتُها...
والمرءُ ينفعهُ كِذَابهْ
وهو مثل قوله :﴿ أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً ﴾ [ نوح : ١٧ ] يعني وكذبوا بآياتنا أَفكَذَبوا كِذَاباً.
أو تنصِبه ب "كَذَّبوا"، لأنه يتضمن معنى كَذَبوا ؛ لأن كل مُكَذِّب بالحقّ كاذِب ؛ لأنهم إذا كانوا عند المسلمين كاذبين، وكان المسلمون عندهم كاذبين، فبينهم مُكاذبة.