أي نفخةً ثانيةً بدلٌ من يومِ الفصلِ أو عطفُ بيانٍ له مقيدٍ لزيادةِ تفخيمِه وتهويلِه ولا ضيرَ في تأخرِ الفصلِ عن النفخِ فإنَّه زمانٌ ممتدٌّ يقعُ في مبدئه النفخةُ وفي بقيته الفصلُ ومباديه وآثارُه، والصُّور هُو القرنُ الذي ينفخُ فيه إسرافيلُ عليه السَّلامُ. عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه أنَّ رسولَ الله ﷺ قالَ :" لمَّا فرغَ الله تعالى من خلقِ السمواتِ والأرضِ خلقَ الصُّور فأعطاهُ إسرافيلَ فهُو واضعُه على فيهِ شاخصٌ بصرُه إلى العرشِ متى يُؤمرُ بالنفخِ فيهِ فيؤمرُ بهِ فينفخُ فيه نفخةً لا يبقى عندَها في الحياةِ غيرُ من شاءَ الله. وذلكَ قولُه تعالى :﴿ وَنُفِخَ فِى الصور فَصَعِقَ مَن فِى السموات وَمَن فِى الأرض إِلاَّ مَن شَاء الله ﴾ ثم يُؤمرُ بأُخرى فينفُخ نفخةً لا يبقَى معها ميتٌ إلا بُعثَ وقامَ وذلكَ قولِه تعالى :﴿ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ ﴾ " والفاءُ في قولِه تعالى :﴿ فَتَأْتُونَ ﴾ فصيحةٌ تفصحُ عن جملة قد حُذفتْ ثقةً بدلالة الحالِ عليَها وإيذاناً بغاية سرعةِ الإتيانِ كمَا في قولِه تعالى :﴿ أَنِ اضرب بّعَصَاكَ البحر فانفلق ﴾ أي فتبعثونَ من قبورِكم فتأتونَ إلى الموقفِ عقيبَ ذلكَ من غير لبثٍ أصلاً ﴿ أَفْوَاجاً ﴾ أمماً كلُّ أمةٍ معَ إمامِها كما في قولِه تعالى :﴿ يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بإمامهم ﴾ أو زمراً وجماعاتٍ مختلفةَ الأحوالِ متباينةَ الأوضاعِ حسبَ اختلافِ أعمالِهم وتباينِها. عن معاذٍ رضيَ الله عنِهُ أنَّه سألَ رسولَ الله ﷺ فقالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ :" يا معاذُ سألتَ عن أمرٍ عظيمٍ من الأمورِ " ثم أرسلَ عينيهِ وقالَ :" تحشرُ عشرةُ أصنافٍ من أمَّتي بعضُهم على صورةِ القردةِ وبعضُهم على صورةِ الخنازيرِ وبعضُهم منكسونَ أرجلُهم فوقَ وجوهِهم يُسحبونَ عليها وبعضُهم عميٌ وبعضُهم صمٌّ وبكمٌ وبعضُهم