ذكر المفسرون في تفسير النبأ العظيم ثلاثة أوجه : أحدها : أنه هو القيامة وهذا هو الأقرب ويدل عليه وجوه أحدها : قوله :﴿سَيَعْلَمُونَ﴾ والظاهر أن المراد منه أنهم سيعلمون هذا الذي يتساءلون عنه حين لا تنفعهم تلك المعرفة، ومعلوم أن ذلك هو القيامة وثانيها : أنه تعالى بين كونه قادراً على جميع الممكنات بقوله :﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مهادا﴾ إلى قوله :﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور﴾ [ طه : ١٠٢ ] وذلك يقتضي أنه تعالى إنما قدم هذه المقدمة لبيان كونه تعالى قادراً على إقامة القيامة، ولما كان الذي أثبته الله تعالى بالدليل العقلي في هذه السورة هو هذه المسألة ثبت أن النبأ العظيم الذي كانوا يتساءلون عنه هو يوم القيامة وثالثها : أن العظيم اسم لهذا اليوم بدليل قوله :﴿أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبّ العالمين﴾ [ المطففين : ٦ ٤ ] وقوله :﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾ [ ص : ٦٨ ٦٧ ] ولأن هذا اليوم أعظم الأشياء لأن ذلك منتهى فزع الخلق وخوفهم منه فكان تخصيص اسم العظيم به لائقاً والقول الثاني :﴿إِنَّهُ لَقُرْءانٌ﴾ [ الواقعة : ٧٧ ] واحتج القائلون بهذا الوجه بأمرين الأول : أن النبأ العظيم هو الذي كانوا يختلفون فيه وذلك هو القرآن لأن بعضهم جعله سحراً وبعضهم شعراً، وبعضهم قال إنه أساطير الأولين، فأما البعث ونبوة محمد ﷺ فقد كانوا متفقين على إنكارهما وهذا ضعيف، لأنا بينا أن الاختلاف كان حاصلاً في البعث الثاني : أن النبأ اسم الخبر لا اسم المخبر عنه فتفسير النبأ بالقرآن أولى من تفسيره بالبعث أو النبوة، لأن ذلك في نفسه ليس بنبأ بل منبأ عنه، ويقوى ذلك أن القرآن سمي ذكراً وتذكرة وذكرى وهداية وحديثاً، فكان اسم النبأ به أليق منه بالبعث والنبوة والجواب : عنه أنه إذا كان اسم النبأ أليق بهذه الألفاظ فاسم