ما في قوله :﴿مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ فيه وجهان الأول : أنها استفهامية منصوبة بقدمت، أي ينظر أي شيء قدمت يداه الثاني : أن تكون بمعنى الذي وتكون منصوبة ينتظر، والتقدير : ينظر إلى الذي قدمت يداه، إلا أن على هذا التقدير حصل فيه حذفان أحدهما : أنه لم يقل : قدمته، بل قال :﴿قَدَّمْتُ﴾ فحذف الضمير الراجع الثاني : أنه لم يقل : ينظر إلى ما قدمت، بل قال : ينظر ما قدمت، يقام نظرته بمعنى نظرت إليه.
المسألة الثانية :
في الآية ثلاثة أقوال : الأول : وهو الأظهر أن المرء عام في كل أحد، لأن المكلف إن كان قدم عمل المتقين، فليس له إلا الثواب العظيم، وإن كان قدم عمل الكافرين، فليس له إلا العقاب الذي وصفه الله تعالى، فلا رجاء لمن ورد القيامة من المكلفين في أمر سوى هذين، فهذا هو المراد بقوله :﴿يَوْمَ يَنظُرُ المرء مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ فطوبى له إن قدم عمل الأبرار، وويل له إن قدم عمل الفجار والقول الثاني : وهو قول عطاء : أن المر ههنا هو الكافر، لأن المؤمن كما ينظر إلى ما قدمت يداه، فكذلك ينظر إلى عفو الله ورحمته وأما الكافر الذي لا يرى إلا العذاب، فهو لا يرى إلا ما قدمت يداه، لأن ما وصل إليه من العقاب ليس إلا من شؤم معاملته والقول الثالث : وهو قول الحسن، وقتادة أن المرء ههنا هو المؤمن، واحتجوا عليه بوجهين الأول : أنه تعالى قال بعد هذه الآية، ﴿وَيَقُولُ الكافر ياليتني كُنتُ ترابا﴾ فلما كان هذا بياناً لحال الكافر، وجب أن يكون الأول بياناً لحال المؤمن والثاني : وهو أن المؤمن لما قدم الخير والشر فهو من الله تعالى على خوف ورجاء، فينتظر كيف يحدث الحال، أما الكافر فإنه قاطع بالعقاب، فلا يكون له انتظار أنه كيف يحدث الأمر، فإن مع القطع لا يحصل الانتظار.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon