وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً ﴾
"يومَ" نصب على الظرف ؛ أي يوم لا يملِكون منه خطاباً يومَ يقوم الروح.
واختلف في الروح على أقوال ثمانية : الأوّل أنه مَلَك من الملائكة.
قال ابن عباس : ما خلق الله مخلوقاً بعد العرش أعظم منه، فإذا كان يومُ القيامة قام هو وحده صفّاً، وقامت الملائكة كلهم صفّاً، فيكون عِظَمُ خَلْقه مثل صفوفهم.
ونحو منه عن ابن مسعود ؛ قال : الروح ملك أعظم من السموات السبع، ومن الأرضين السبع، ومن الجبال.
وهو حِيال السماء الرابعة، يسبحُ اللَّهَ كل يوم اثنتي عشرة ألفَ تسبيحة ؛ يخلق الله من كل تسبيحة ملكاً، فيجيء يوم القيامة وحده صفّاً، وسائر الملائكة صَفاً.
الثاني أنه جبريل عليه السلام.
قاله الشعبي والضحاك وسعيد بن جبير.
وعن ابن عباس : إن عن يمين العرش نَهْراً من نور، مثلَ السموات السبع، والأرضين السبع، والبحار السبع، يَدْخل جبريل كل يوم فيه سحراً فيغتسل، فيزداد نوراً على نوره، وجمالاً على جماله، وعظماً على عظمه، ثم ينتفض فيخلق الله من كل قطرة تقع من ريشه سبعين ألفَ مَلَك، يدخل منهم كل يوم سبعون ألفاً البيت المعمور، والكعبة سبعون ألفاً لا يعودُون إليهما إلى يوم القيامة.
وقال وهب : إن جبريل عليه السلام واقف بين يدي الله تعالى تَرعَّدَ فرائصُه ؛ يخلق الله تعالى من كل رَعدة مائة ألف مَلَك، فالملائكة صفوف بين يدي الله تعالى منكسة رؤوسهم، فإذا أذن الله لهم في الكلام قالوا : لا إله إِلا أنت ؛ وهو قوله تعالى :﴿ يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن ﴾ في الكلام "وقال صواباً" يعني قول :"لا إله إلا أنت".