﴿ فَأَخَذَهُ الله نَكَالَ الآخرة والأولى ﴾ أي نكال قوله :﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرِي ﴾ [ القصص : ٣٨ ] وقوله بعد :"أنا ربكم الأعلَى" قاله ابن عباس ومجاهد وعِكرمة.
وكان بين الكلمتين أربعون سنة ؛ قاله ابن عباس.
والمعنى : أمهله في الأولى، ثم أخذه في الآخرة، فعذبه بكلمتيه.
وقيل : نكالُ الأولى : هو أن أغرقه، ونكال الآخرة : العذابُ في الآخرة.
وقاله قتادة وغيره.
وقال مجاهد : هو عذاب أوّل عمره وآخره.
وقيل : الآخرة قوله "أنا ربكم الأعلَى" والأولى تكذيبه لموسى.
عن قتادة أيضاً.
و"نكالَ" منصوب على المصدر المؤكَّد في قول الزَّجاج ؛ لأن معنى أخذه الله : نكَّل الله به، فأخرج نكالَ مكانَ مصدر من معناه، لا من لفظه.
وقيل : نصب بنزع حرف الصفة، أي فأخذه الله بنكال الآخرة، فلما نزِع الخافض نُصِب.
وقال الفرّاء : أي أخذه الله أخذاً نكالاً، أي للنكال.
والنكال : اسم لما جعل نكالاً للغير أي عقوبة له حتى يعتبر به.
يقال : نكَّل فلان بفلان : إذا أثخنه عقوبة.
والكلمة من الامتناع، ومنه النكولُ عن اليمين، والنِّكْل القيد.
وقد مضى في سورة "المزمل" والحمد لله.
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً ﴾ أي اعتبارا وعظة.
﴿ لِّمَن يخشى ﴾ أي يخاف الله عزّ وجلّ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٩ صـ ﴾