﴿ اذهب إلى فِرْعَوْنَ ﴾ على إرادةِ القولِ وقيلَ : هو تفسيرٌ للنداءِ أي ناداهُ إذهبْ وقيلَ : هُو على حذفِ أَنِ المفسرةِ ويدلُّ عليه قراءةُ عبدِ اللَّهِ أنِ اذهبْ لأنَّ في النداءِ مَعْنى القولِ ﴿ إِنَّهُ طغى ﴾ تعليلٌ للأمرِ أو لوجوبِ الامتثالِ بهِ ﴿ فَقُلْ ﴾ بعدَ ما أتيتَهُ ﴿ هَل لَّكَ ﴾ رغبةٌ وتوجهٌ ﴿ إلى أَن تزكى ﴾ بحذفِ إحْدَى التاءينِ من تتزكَّى أيْ تتطهرُ من دنسِ الكُفرِ والطغيانِ. وقُرِىءَ تزَّكَّى بالتشديدِ ﴿ وَأَهْدِيَكَ إلى رَبّكَ ﴾ وأُرشدكَ إلى معرفتِه عزَّ وجلَّ فتعرِفَهُ ﴿ فتخشى ﴾ إذِ الخشيةُ لا تكونُ إلا بعدَ معرفتِه تعالَى، قالَ عزَّ وجلَّ :﴿ إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء ﴾ وجَعلُ الخشيةِ غايةً للهدايةِ لأنَّها مِلاكُ الأمرِ، مَنْ خشَى الله تعالى أتَى منْهُ كلَّ خيرٍ، ومَنْ أَمِنَ اجترأَ على كلِّ شرَ. أُمرَ عليه الصلاةُ والسلامُ بأنْ يخاطبَهُ بالاستفهامِ الذي معناهُ العرضُ ليستدعيَهُ بالتلطفِ في القولِ ويستنزلَهُ بالمُداراةِ من عُتوِّهِ وهذا ضربُ تفصيلٍ لقولِه تعالى :﴿ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى ﴾ والفاءُ في قولِه تعالَى :﴿ فَأَرَاهُ الأية الكبرى ﴾ فصيحةٌ تُفصحُ عن جملٍ قد طُويتْ تعويلاً على تفصيلِها في السورِ الأُخرى فإنه عليه الصلاةُ والسلامُ ما أراهُ إيَّاها عقيبَ هذا الأمرِ بل بعدَ مَا جَرى بينَهُ وبينَ الله تعالَى ما جَرى من الاستدعاءِ والإجابةِ وغيرِهما من المراجعاتِ وبعد ما جَرَى بينَهُ وبينَ فرعونٍ ما جَرَى من المحاوراتِ إلى أنْ قالَ :﴿ قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِئَايَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ ﴾ والإراءةُ إما بمَعْنى التبصيرِ، أو التعريفِ فإن اللعينَ حينَ أبصرَها عرفَها. وادعاءُ سحريتها إنَّما كانَ إراءةً منهُ وإظهاراً للتجلدِ. ونسبتُهَا إليهِ عليه الصلاةُ والسلامُ بالنظرِ إلى الظاهرِ كما