﴿ فَأَخَذَهُ الله نَكَالَ الأخرة والأولى ﴾ النكالُ بمَعْنى التنكيلِ كالسلامِ بمعنى التسليمِ وهو التعذيبُ الذي ينكلُ منْ رآهُ أو سمعَهُ ويمنعُه من تعاطِي ما يُفضِي إليهِ ومحلُّهُ النصبُ على أنَّه مصدرٌ مُؤكدٌ كوعدَ الله وصبغةَ الله كأنَّه قيلَ : نكَّلَ الله به نكالَ الآخرةِ والأُولى وهو الإحراقُ في الآخرة والإغراقُ في الدُّنيا وقيلَ : مصدرٌ لأخذَ أي أخذَهُ الله أخذَ نكالِ الآخرةِ الخ، وقيلَ : مفعولٌ له أي أخذَهُ لأجل نكالِ الخ، وقيلَ : نُصبَ على نزع الخافضِ أي أخذَهُ بنكال الآخرةِ والأُولى وإضافتُه إلى الدارين باعتبار وقوعِ نفسِ الأخذِ فيهمَا لا باعتبارِ أنَّ ما فيهِ من مَعْنى المنعِ يكونُ فيهمَا فإن ذلكَ لا يتصورُ في الآخرةِ بل في الدُّنيا فإن العقوبةَ الأخرويةَ تنكلُ من سمعَها وتمنعُه من تعاطِي ما يُؤدي إليها لا محالةَ وقيلَ : المرادُ بالآخرةِ والأُولى قولُه :﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى ﴾ وقولُه :﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إله غَيْرِى ﴾ قيل : كان بينَ الكلمتينِ أربعونَ سنةً فالإضافةُ إضافةُ المسبِّبِ إلى السببِ.
﴿ إِنَّ فِى ذَلِكَ ﴾ أي فيمَا ذُكِرَ من قصة فرعونَ وما فَعَل وما فُعلِ به ﴿ لَعِبْرَةً ﴾ عظيمةً ﴿ لّمَن يخشى ﴾ أي لمَنْ مِنْ شأنِه أنْ يخشَى وهو مَنْ مِنْ شأنِه المعرفةُ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon