وقال الآلوسى :
﴿ هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ موسى ﴾
كلام مستأنف وارد لتسلية رسول الله ﷺ من تكذيب قومه وتهديدهم عليه بأن يصيبهم مثل ما أصاب من كان أقوى منهم وأعظم ومعنى هل أتاك أن اعتبر أن هذا أول ما أتاه عليه الصلاة والسلام من حديثه عليه السلام ترغيب له ﷺ في استماع حديثه كأنه قيل هل أتاك حديثه أنا أخبرك به وإن اعتبر إتيانه قبل هذا وهو المتبادر من الإيجاز في الاقتصاص أليس قد أتاك حديثه وليس هل بمعنى قد على شيء من الوجهين وقوله تعالى :
إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٦)
ظرف للحديث لا للإتيان لاختلاف وقتيهما وجوز كونه مفعول اذكر مقدراً وتقدم الكلام في الواد المقدس واختلاف القراء في طوى.
﴿ اذهب إلى فِرْعَوْنَ ﴾ على إرادة القول والتقدير وقال له أو قائلاً له اذهب الخ وقيل هو تفسير للنداء أي ناداه اذهب وقيل هو على حذف أن المفسرة يدل عليه قراءة عبد الله أن اذهب لأن في النداء معنى القول وجوز أن يكون بتقدير أن المصدرية قبلها حرف جر ﴿ إِنَّهُ طغى ﴾ تعليل للأمر أو لوجوب الامتثال به.
فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨)
﴿ فَقُلْ ﴾ بعد ما أتيته ﴿ هَل لَّكَ إلى أَن تزكى ﴾ أي هل لك ميل إلى أن تتزكى فلك في موضع الخبر لمبتدأ محذوف وإلى أن تزكى متعلق بذلك المبتدأ المحذوف ونحوه قول الشاعر
: فهل لكم فيها إلي فإنني...
بصير بما أعيا النطاسي حذيما
قد يقال هل لك في كذا فيؤتى بفي ويقدر المبتدأ رغبة ونحوه مما يتعدى بها ومنهم من قدره هنا رغبة لأنها تعدى بها أيضاً وقال أبو البقاء لما كان المعنى أدعوك جىء بإلى ولعله جعل الظرف متعلقاً بمعنى الكلام أو بمقدر يدل عليه وتزكى بحذف إحدى التاءين أي تتطهر من دنس الكفر والطغيان وقرأ الحرميان وأبو عمرو بخلاف تزكى بتشديد الزاي وأصله كما أشرنا إليه تتزكى فأدغمت التاء الثانية في الزاي.