[ الشورى : ٤٥ ] قال عطاء : يريد أبصار من مات على غير الإسلام، ويدلّ على هذا أن السياق في منكري البعث ﴿ يَقُولُونَ أَءنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى الحافرة ﴾ هذا حكاية لما يقوله المنكرون للبعث إذا قيل لهم إنكم تبعثون أي : أنردّ إلى أوّل حالنا، وابتداء أمرنا، فنصير أحياء بعد موتنا، يقال : رجع فلان في حافرته، أي : رجع من حيث جاء، والحافرة عند العرب اسم لأوّل الشيء، وابتداء الأمر، ومنه قولهم رجع فلان على حافرته : أي على الطريق الذي جاء منه، ويقال اقتتل القوم عند الحافرة أي : عند أوّل ما التقوا، وسميت الطريق التي جاء منها حافرة لتأثيره فيها بمشيه فيها فهي حافرة بمعنى محفورة، ومن هذا قول الشاعر :
أحافرة على صلع وشيب... معاذ الله من سفه وعار
أي أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي من الغزل بعد الشيب والصلع؟! وقيل الحافرة : العاجلة، والمعنى : إنا لمردودون إلى الدنيا.
وقيل : الحافرة : الأرض التي تحفر فيها قبورهم، ومنه قول الشاعر :
آليت لا أنساكم فاعلموا... حتى يردّ الناس في الحافرة
والمعنى : إنا لمردودون في قبورنا أحياء، كذا قال الخليل، والفراء، وبه قال مجاهد.
وقال ابن زيد : الحافرة : النار، واستدلّ بقوله :﴿ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسرة ﴾.
قرأ الجمهور ﴿ في الحافرة ﴾ وقرأ أبو حيوة " في الحفرة ".
﴿ أإِذَا كُنَّا عظاما نَّخِرَةً ﴾ أي : بالية متفتتة.
يقال : نخر العظم بالكسر : إذا بلي وهذا تأكيد لإنكار البعث أي : كيف نردّ أحياء، ونبعث إذا كنا عظاماً نخرة؟ والعامل في إذا مضمر يدلّ عليه مردودون أي : أئذا كنا عظاماً بالية نردّ ونبعث مع كونها أبعد شيء من الحياة.
قرأ الجمهور :﴿ نخرة ﴾ وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر " ناخرة "، واختار القراءة الأولى أبو عبيد، وأبو حاتم، واختار القراءة الثانية الفراء، وابن جرير، وأبو معاذ النحوي.