وقيل : هي جميع ما جاء به من الآيات التسع ﴿ فَكَذَّبَ وعصى ﴾ أي : فلما أراه الآية الكبرى كذّب بموسى، وبما جاء به، وعصى الله عزّ وجلّ، فلم يطعه ﴿ ثُمَّ أَدْبَرَ ﴾ أي : تولى، وأعرض عن الإيمان ﴿ يسعى ﴾ أي : يعمل بالفساد في الأرض، ويجتهد في معارضة ما جاء به موسى، وقيل : أدبر هارباً من الحية يسعى خوفاً منها.
وقال الرازي : معنى :﴿ أَدْبَرَ يسعى ﴾ أقبل يسعى، كما يقال أقبل يفعل كذا أي : أنشأ يفعل كذا، فوضع أدبر موضع أقبل ؛ لئلا يوصف بالإقبال.
﴿ فَحَشَرَ ﴾ أي : فجمع جنوده للقتال والمحاربة، أو جمع السحرة للمعارضة، أو جمع الناس للحضور ؛ ليشاهدوا ما يقع، أو جمعهم ليمنعوه من الحية ﴿ فنادى فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى ﴾ أي : قال لهم بصوت عال، أو أمر من ينادي بهذا القول.
ومعنى :﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ الاعلى ﴾ أنه لا ربّ فوقي.
قال عطاء : كان صنع لهم أصناماً صغاراً وأمرهم بعبادتها، وقال : أنا ربّ أصنامكم، وقيل : أراد بكونه ربهم أنه قائدهم وسائدهم.
والأوّل أولى لقوله في آية أخرى :﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إله غَيْرِى ﴾
[ القصص : ٣٨ ].
﴿ فَأَخَذَهُ الله نَكَالَ الأخرة والأولى ﴾ النكال نعت مصدر محذوف، أي : أخذه أخذ نكال، أو هو مصدر لفعل محذوف، أي : أخذه الله، فنكله نكال الآخرة، والأولى، أو مصدر مؤكد لمضمون الجملة، والمراد بنكال الآخرة عذاب النار، ونكال الأولى عذاب الدنيا بالغرق.
وقال مجاهد : عذاب أوّل عمره وآخره.
وقال قتادة : الآخرة.
قوله :﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى ﴾ والأولى : تكذيبه لموسى.
وقيل : الآخرة.
قوله :﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ الاعلى ﴾ والأولى : قوله :﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إله غَيْرِى ﴾ [ القصص : ٣٨ ] وكان بين الكلمتين أربعون سنة، ويجوز أن يكون انتصاب نكال على أنه مفعول له أي : أخذه الله لأجل نكال، ويجوز أن ينتصب بنزع الخافض أي : بنكال.


الصفحة التالية
Icon