ربه وموسى كما عصى قومك ربهم وكذبوك، أي داوموا على عصيانهم ولم تؤثر بهم الآية العظيمة "ثُمَّ أَدْبَرَ" عنه وعن الإيمان به وذهب "يَسْعى " ٢٢ للإفساد في الأرض مثل قومك "فَحَشَرَ" جمع جنوده وقومه "فَنادى فَقالَ" ٢٣ فرعون في قومه بلا خجل ولا حياء "أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى " ٢٤ والأصنام كلها أرباب لكم من دوني وكذلك الكواكب وأنا رب الجميع، قاتله اللّه، وهذا معنى العلو الذي أراده أمام قومه لأنهم كانوا يعبدون الأصنام والكواكب، كما تقدم في القصة المارة في الآية ١٠٣ من سورة الأعراف ج ١ وغيرها "فَأَخَذَهُ اللَّهُ" على الصورة المبينة في الآية ٦٣ من الشعراء في ج ١، وهذا الأخذ العظيم كان "نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى " ٢٥ أي عاقبتهما بأن أغرقه اللّه وقومه في الدنيا وأحرقهم في الآخرة، وفعلته الأولى هي تكذيبه موسى وإصراره على الكفر، والثانية قوله (ما علمت لكم من إله غيري) وقوله (أنا ربكم الأعلى) فأذاقه اللّه عذاب الدنيا بالإغراق وسيذيقه عذاب الآخرة بالإحراق على الصورة المبينة في الآية ٩٨ من سورة هود المارة "إِنَّ فِي ذلِكَ" الذي فعل بفرعون وقومه "لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى " ٢٦ اللّه ويتقيه ومن لا، فلو أتيته بملء الدنا عظات وعبرا فلا تؤثر فيه لأن القلوب إذا قست كانت أشد من الحجارة، كما سيأتي في الآية ٧٥ من البقرة في ج ٣، وذلك لأن فرعون وقومه أرادوا بكل قواهم أن يدبروا أمرا ليتخلصوا من موسى فلم يقدروا فأهلكهم اللّه، وإن قومك يا محمد يريدون باجتماعاتهم ومذاكراتهم التخلص منك ولن يقدروا، وإذا أصروا فيكون مصيرهم مثل مصير قوم فرعون، وقل لهم يا سيد الرسل "أَ أَنْتُمْ" أيها الكفار المصرون على الإنكار "أَشَدُّ خَلْقاً" إذا أردنا إحياءكم بعد الموت "أَمِ السَّماءُ بَناها" ٢٧ على ما ترون وقد "رَفَعَ سَمْكَها" سقفها إلى سمت العلو بغير عمد أو بعمد لا ترى كما مر في الآية