وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَإِذَا جَآءَتِ الطآمة الكبرى ﴾
أي الداهية العظمى، وهي النفخة الثانية، التي يكون معها البعث ؛ قاله ابن عباس في رواية الضحاك عنه، وهو قول الحسن.
وعن ابن عباس أيضاً والضحاك : أنها القيامة ؛ سميت بذلك لأنها تطِمُّ على كل شيء، فتعم ما سواها لعظم هولها ؛ أي تقلبه.
وفي أمثالهم :
جرى الوادِي فَطمَّ على القَرِيِّ...
المبرد : الطامّة عند العرب الداهية التي لا تستطاع، وإنما أخذت فيما أحسب من قولهم : طم الفرس طميماً إذا استفرغ جهده في الجري، وطم الماء إذا ملأ النهر كله.
غيره : هي مأخوذة من طمّ السيلُ الرّكِية أي دفنها، والطمّ : الدفن والعلو.
وقال القاسم بن الوليد الهمْداني : الطامة الكبرى حين يُساق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار.
وهو معنى قول مجاهد : وقال سفيان : هي الساعة التي يُسْلَم فيها أهل النار إلى الزبانية.
أي الداهية التي طَمَّت وعظمت ؛ قال :
إن بعض الحبِّ يُعْمِي ويصِمْ...
وكذاك البغضُ أدْهَى وأَطَمْ
﴿ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنسان مَا سعى ﴾ أي ما عمل من خير أو شر.
﴿ وَبُرِّزَتِ الجحيم ﴾ أي ظهرت.
﴿ لِمَن يرى ﴾ قال ابن عباس : يكشف عنها فيراها تتلظى كل ذي بصرَ.
وقيل : المراد الكافر لأنه الذي يرى النار بما فيها من أصناف العذاب.
وقيل : يراها المؤمن ليعرف قدر النعمة ويصلَى الكافر بالنار.
وجواب "فإذا جاءتِ الطامَّةُ" محذوف أي إذا جاءت الطامة دخل أهل النار النار وأهل الجنة الجنة.
وقرأ مالك بن دينار :"وَبَرَزَتِ الجحِيمُ".
عِكرمة : وغيره :"لمِن ترى" بالتاء، أي لمن تراه الجحيم، أو لمن تراه أنت يا محمد.
والخطاب له عليه السلام، والمراد به الناس.
قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا مَن طغى * وَآثَرَ الحياة الدنيا ﴾ أي تجاوز الحد في العِصيان.
قيل : نزلت في النضْر وابنه الحارث، وهي عامة في كل كافر آثر الحياة الدنيا على الآخرة.


الصفحة التالية
Icon