﴿ فَإِنَّ الجحيم هِىَ المأوى ﴾ أي : مأواه، والألف واللام عوض عن المضاف إليه، والمعنى : أنها منزله الذي ينزله، ومأواه الذي يأوي إليه لا غيرها.
ثم ذكر القسم الثاني من القسمين فقال :﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ ﴾ أي : حذر مقامه بين يدي ربه يوم القيامة.
قال الربيع : مقامه يوم الحساب.
قال قتادة : يقول إن لله عزّ وجلّ مقاماً قد خافه المؤمنون.
وقال مجاهد : هو خوفه في الدنيا من الله عزّ وجلّ عند مواقعة الذنب فيقلع عنه، نظيره قوله :﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [ الرحمن : ٤٦ ] والأوّل أولى.
﴿ وَنَهَى النفس عَنِ الهوى ﴾ أي : زجرها عن الميل إلى المعاصي والمحارم التي تشتهيها.
قال مقاتل : هو الرجل يهمّ بالمعصية، فيذكر مقامه للحساب، فيتركها ﴿ فَإِنَّ الجنة هِىَ المأوى ﴾ أي : المنزل الذي ينزله، والمكان الذي يأوي إليه لا غيرها.
﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الساعة أَيَّانَ مرساها ﴾ أي : متى وقوعها وقيامها.
قال الفراء : أي : منتهى قيامها كرسوّ السفينة.
قال أبو عبيدة : ومرسى السفينة حين تنتهي، والمعنى : يسألونك عن الساعة متى يقيمها الله، وقد مضى بيان هذا في سورة الأعراف ﴿ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا ﴾ أي : في أيّ شيء أنت يا محمد من ذكر القيامة والسؤال عنها، والمعنى : لست في شيء من علمها، وذكراها إنما يعلمها الله سبحانه، وهو إنكار وردّ لسؤال المشركين عنها أي : فيم أنت من ذلك حتى يسألونك عنه ولست تعلمه؟ ﴿ إلى رَبّكَ منتهاها ﴾ أي : منتهى علمها، فلا يوجد علمها عند غيره، وهذا كقوله :