﴿ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي ﴾ [ الأعراف : ١٨٧ ]، وقوله :﴿ إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة ﴾ [ لقمان : ٣٤ ] فكيف يسألونك عنها، ويطلبون منك بيان وقت قيامها؟ ﴿ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يخشاها ﴾ أي : مخوّف لمن يخشى قيام الساعة، وذلك وظيفتك ليس عليك غيره من الإخبار بوقت قيام الساعة، ونحوه مما استأثر الله بعلمه، وخصّ الإنذار بمن يخشى ؛ لأنهم المنتفعون بالإنذار، وإن كان منذراً لكلّ مكلف من مسلم وكافر.
قرأ الجمهور بإضافة :﴿ منذر ﴾ إلى ما بعده.
وقرأ عمر بن عبد العزيز، وأبو جعفر، وطلحة، وابن محيصن، وشيبة، والأعرج، وحميد بالتنوين، ورويت هذه القراءة عن أبي عمرو.
قال الفراء : والتنوين، وتركه في منذر صواب كقوله :﴿ بالغ أَمْرِهِ ﴾ [ الطلاق : ٣ ] و ﴿ مُوهِنُ كَيْدِ الكافرين ﴾ [ الأنفال : ١٨ ].
قال أبو عليّ الفارسي : يجوز أن تكون الإضافة للماضي، نحو ضارب زيد أمس.
﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضحاها ﴾ أي : إلاّ قدر آخر نهار أو أوّله، أو قدر الضحى الذي يلي تلك العشية، والمراد تقليل مدّة الدنيا، كما قال :﴿ لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مّن نَّهَارٍ ﴾ [ الأحقاف : ٣٥ ].
وقيل : لم يلبثوا في قبورهم إلاّ عشية أو ضحاها.
قال الفراء، والزجاج : المراد بإضافة الضحى إلى العشية إضافته إلى يوم العشية على عادة العرب، يقولون : آتيك الغداة أو عشيتها، وآتيك العشية أو غداتها، فتكون العشية في معنى آخر النهار، والغداة في معنى أوّل النهار.
ومنه قول الشاعر :
نحن صبحنا عامراً في دارها... جرداً تعادى طرفي نهارها
عشية الهلال أو سرارها... والجملة تقرير لما يدل عليه الإنذار من سرعة مجيء المنذر به.
وقد أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ رَفَعَ سَمْكَهَا ﴾ قال : بناها ﴿ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا ﴾ قال : أظلم ليلها.