الصفة الثانية : أنهم :﴿بَرَرَةٍ﴾ قال مقاتل : مطيعين، وبررة جمع بار، قال الفراء : لا يقولون فعلة للجمع إلا والواحد منه فاعل مثل كافر وكفرة، وفاجر وفجرة القول الثاني : في تفسير الصحف : أنها هي صحف الأنبياء لقوله :﴿إِنَّ هذا لَفِى الصحف الاولى﴾ [ الأعلى : ١٨ ] يعني أن هذه التذكرة مثبتة في صحف الأنبياء المتقدمين، والسفرة الكرام البررة هم أصحاب رسول الله ﷺ، وقيل هم القراء.
المسألة الثانية :
قوله تعالى :﴿مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِى سَفَرَةٍ﴾ يقتضي أن طهارة تلك الصحف إنما حصلت بأيدي هؤلاء السفرة، فقال القفال في تقريره : لما كان لا يمسها إلا الملائكة المطهرون أضيف التطهير إليها لطهارة من يسمها.
قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (١٧)
فيه مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أنه تعالى لما بدأ بذكر القصة المشتملة على ترفع صناديد قريش على فقراء المسلمين، عجب عباده المؤمنين من ذلك، فكأنه قيل : وأي سبب في هذا العجب والترفع مع أن أوله نطفة قذوة وآخره جيفة مذرة، وفيها بين الوقتين حمال عذرة، فلا جرم ذكر تعالى ما يصلح أن يكون علاجاً لعجبهم، وما يصلح أن يكون علاجاً لكفرهم، فإن خلقة الإنسان تصلح لأن يستدل بها على وجود الصانع، ولأن يستدل بها على القول بالبعث والحشر والنشر.
المسألة الثانية :
قال المفسرون : نزلت الآية في عتبة بن أبي لهب، وقال آخرون : المراد بالإنسان الذين أقبل الرسول عليهم وترك ابن أم مكتوم بسببهم، وقال آخرون : بل المراد ذم كل غني ترفع على فقير بسبب الغنى والفقر، والذي يدل على ذلك وجوه أحدها : أنه تعالى ذمهم لترفعهم فوجب أن يعم الحكم بسبب عموم العلة وثانيها : أنه تعالى زيف طريقتهم بسبب حقارة حال الإنسان في الابتداء والانتهاء على ما قال :{مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ...