وقال الفراء :
سورة ( عبس )
﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَآءَهُ الأَعْمَى ﴾
قوله عز وجل: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى... أَن جَآءَهُ الأَعْمَى...﴾
ذلك عبدالله بن أم مكتوم وكانت أم مكتوم أم أبيه أتى رسول الله ﷺ وعنده نفر من أشراف قريش ليسألوا عن بعض ما ينتفع به، فكرِه رسول الله ﷺ أن يقطع كلامه ؛ فأنزل الله تبارك وتعالى، ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾، يعنى: محمداً ﷺ، ﴿أَن جَآءَهُ الأَعْمَى﴾، لأن جاءَه الأعمى.
﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾
ثم قال جل وعز: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى...﴾.
بما أرد أن يتعلَّمه من عِلْمِك، فعطف النبى ﷺ على أن ابن أم مكتوم، وأكرمه بعد هذه الآية حتى استخلفه على الصلاة، وقد اجتمع القراءُ على: ﴿فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى...﴾ بالرفع، ولو كان نصباً على جواب الفاء للعلّ ـ كان صوابا.
أنشدنى بعضهم:
علَّ صروفَ الدَّهر أو دولاتِها * يُدلْنَنَا اللَّمَّة من لَمّاتها
فتستريحَ النفس من زفْراتها * وتُنْقعَ الغلَّةُ من غُلاتها
وَقد قرأ بعضهم: "أأن جاءَه الأعمى" بهمزتين مفتوحتين، أى: أن جاءَه عبس، وهو مثل قوله: "أأنْ كان ذا مالٍ وبَنِينَ".
﴿ فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى ﴾
وقوله عز وجل: ﴿فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى...﴾.
ولو قرأ قارىءٌ: "تَصَدّى" كان صوابا.
﴿ كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ * فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ...﴾.
هذه السورة تذكرة، وإن شئت جعلت الهاء عماداً لتأنيث التذكرة.
﴿فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ...﴾.
ذكر القرآن رجع التذكير إلى الوحى.
﴿فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ...﴾.