قرىء ( إنا ) بالكسر، وهو على الاستئناف، وأنا بالفتح على البدل من الطعام والتقدير فلينظر الإنسان إلى أن كيف صببنا الماء قال أبو علي الفارسي : من قرأ بكسر إنا كان ذلك تفسيراً للنظر إلى طعامه كما أن قوله :﴿لهم مغفرة﴾ [ الأنفال : ٧٤ ] تفسير للوعد، ومن فتح فعلى معنى البدل بدل الاشتمال، لأن هذه الأشياء تشتمل على كون الطعام وحدوثه، فهو كقوله :﴿يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه﴾ [ البقرة : ٢١٧ ] وقوله :﴿قتل أصحاب الأخدود * النار﴾ [ البروج : ٤، ٥ ].
قوله تعالى :﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا ﴾.
والمراد شق الأرض بالنبات، ثم ذكر تعالى ثمانية أنواع من النبات : أولها : الحب : وهو المشار إليه بقوله :﴿فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ﴾.
وهو كل ما حصد من نحو الحنطة وغيرهما، وإنما قدم ذلك لأن كالأصل في الأغذية.
﴿وَعِنَبًا وَقَضْبًا ﴾.
وثانيها : قوله تعالى :﴿وعنباً﴾ وإنما ذكره بعد الحب لأنه غذاء من وجه وفاكهة من وجه.
وثالثها : قوله تعالى :﴿وقضباً﴾ وفيه قولان : الأول : أنه الرطبة وهي التي إذا يبست سميت بالقت، وأهل مكة يسمونها بالقضب وأصله من القطع، وذلك لأنه يقضب مرة بعد أخرى، وكذلك القضيب لأنه يقضب أي يقطع.
وهذا قول ابن عباس والضحاك ومقاتل واختيار الفراء وأبي عبيدة والأصمعي.
والثاني : قال المبرد : القضب هو العلف بعينه، وأصله من أنه يقضب أي يقطع وهو قول الحسن.
والرابع والخامس : قوله تعالى :﴿وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً﴾ ومنافعهما قد تقدمت في هذا الكتاب.
وسادسها : قوله تعالى :﴿وَحَدَآئِقَ غُلْبًا﴾ الأصل في الوصف بالغلب الرقاب فالغلب الغلاظ الأعناق الواحد أغلب يقال أسد أغلب، ثم ههنا قولان : الأول : أن يكون المراد وصف كل حديقة بأن أشجارها متكاثفة متقاربة، وهذا قول مجاهد ومقاتل قالا : الغلب الملتفة الشجر بعضه في بعض، يقال اغلوب العشب واغلولبت الأرض إذا التف عشبها.


الصفحة التالية
Icon