ومتى ذكرت هذه الأشياء على جهة التنقيص فتلك الغيبة، وقد سمع رسول الله ﷺ عائشة تذكر امرأة، فقالت : إنها القصيرة، فقال لها : لقد قلت كلمة لو مزجت بالبحر لمزجته ثم خاطب تعالى نبيه فقال :﴿ وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى ﴾ أي وما يطلعك على أمره وعقبى حاله، ثم ابتدأ القول :﴿ لعله يزكى ﴾ أي تنمو بركته وتطهره لله وينفعه إيمانه، وأصل ﴿ يزكى ﴾ : يتزكى، فأدغم التاء في الزاي وكذلك ﴿ يذكر ﴾، وقرأ الأعرج. " يذْكُر " بسكون الذال وضم الكاف، ورويت عن عاصم، وقرأ جمهور السبعة :" فتنفعُه " بضم العين على العطف، وقرأ عاصم وحده والأعرج :" فتنفعَه " بالنصب في جواب التمني، لأن قوله ﴿ أو يذكر ﴾ في حكم قوله :﴿ لعله يزكى ﴾، ثم أكد تعالى عتب نبيه عليه السلام بقوله :﴿ أما من استغنى ﴾ أي بماله، و: ﴿ تصدى ﴾ معناه : تتعرض بنفسك، وقرأ ابن كثير ونافع :" تصّدى " بشد الصاد على إدغام التاء، وقرأ الباقون والأعرج والحسن وأبو رجاء وقتادة وعيسى والأعمش :" تصَدى "، بتخفيف الصاد على حذف التاء وقرأ أبو جعفر بن القعقاع :" تُصَدى "، بضم التاء وتخفيف الصاد على بناء الفعل للمجهول، أي تصديك حرصك على هؤلاء الكفار أن يسلموا، تقول : تصدى الرجل وصديته، كما تقول : تكسب وكسبته، ثم قال تعالى محتقراً لشأن الكفار :﴿ وما عليك ألا يزكى ﴾ وما يضرك ألا يفلح، فهذا حض على الإعراض عن أمرهم، وترك الأكتراث بهم، ثم قال مبالغاً في العتب :﴿ وأما من جاءك يسعى ﴾ أي يمشي، وقيل المعنى :﴿ يسعى ﴾ في شؤونه وأمر دينه وتقربه منك، ﴿ وهو يخشى ﴾ الله تعالى، ﴿ فأنت عنه تلهى ﴾ أي تشتغل، تقول لهيت عن الشيء ألهى إذا اشتغلت وليس من اللهو الذي هو من ذوات الواو، وإما أن المعنى يتداخل، وقرأ الجمهور من القراء :" تَلهى " بفتح التاء على حذف التاء الواحدة، وقرأ ابن كثير فيما روي عنه " تلهى "