معناه: ثم يسره للسبيلِ، ومثله: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾، أى: أعلمناه طريق الخير وطريق الشر.
﴿ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ...﴾.
جعله مقبورا، ولم يجعله ممن يُلقَى للسباع والطير، ولا ممن يلقى فى النواويس، كأن القبر مما أكرم المسلم به، ولم يقل: فقبره ؛ لأنّ القابر هو الدافن بيده، والمُقبِر: الله تبارك وتعالى ؛ لأنه صيره ذا قبر، وليس فعله كفعل الآمى. والعرب تقول: بترتُ ذنب البعير، والله أبتره. وعضبت قرن الثور، والله أعضبه، وطردت فلانا عنى، والله أطرده صيّره طريدا، ولو قال قائل: فقبره، أو قال فى الآدمى: أقبره إذا وجهه لجهته صلح، وكان صوابا ؛ ألا ترى أنك تقول: قتل فلان أخاه، فيقول الآخر: الله قتله. والعرب تقول: هذه كلمة مُقتلة مُخيفة إذا كانت من قالها قُتِل قيلت هكذا، ولو قيل فيها: قاتلة خائفة كان صوابا، كما تقول: هذا الداء قاتلك.
﴿ كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ ﴾
وقوله تبارك وتعالى: ﴿كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ...﴾.
لم يقض بعض ما أمره.
﴿ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَآءَ صَبّاً ﴾
وقوله عز وجل: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَآءَ صَبّاً...﴾.
قرأ الأعمش وعاصم (أنا) يجعلانها فى موضع خفض أى: فلينظر إلى صبِّنَا الماء إلى أن صَبَبْنا، وفعلنا وفعلنا. وقرأ أهل الحجاز والحسن البصرى: (إنا) يخبر عن صفة الطعام بالاستئناف، وكلٌّ حسن، وكذلك قوله جل وعز: ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقبةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ﴾، و ﴿إِنا دمرناهم﴾. وقد يكون موضع "أنا" ها هنا فى (عبس) إذا فتحتْ رفعا كأنه استأنف فقال: طعامُه، صَبُّنا الماء، وإنباتُنا كذا وكذا.
﴿ فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً ﴾
وقوله تبارك وتعالى: ﴿حَبّاً...﴾.