تعالى الإنسان بالعبرة والنظر إلى طعامه والدليل فيه، وذهب أبيّ بن كعب وابن عباس والحسن ومجاهد وغيره إلى أن المراد ﴿ إلى طعامه ﴾ إذا صار رجيعاً ليتأمل حيث تصير عاقبة الدنيا، وعلى أي شيء يتفانى أهلها وتستدير رحاها، وهذا نظير ما روي عن ابن عمر : أن الأنسان إذا أحدث فإن ملكاً يأخذ بناصيته عند فراغه فيرد بصره إلى نحوه موقفاً له ومعجباً فينفع ذلك من له عقل، وذهب الجمهور إلى أن معنى الآية : فلينظر إلى مطعوماته وكيف يسرها الله تعالى له بهذه الوسائط المذكورة من صب الماء وشق الأرض، ويروى أن رجلاً أضافه عابد فقدم إليه رغيفاً قفازاً فكأن الرجل استخشنه فقال له : كله فإن الله تعالى لم ينعم به وكمله حتى سخر فيه ثلاثمائة وستين عاملاً الماء والريح والشمس ثلاثة من ذلك، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي :" أنّا صببنا " بفتح الألف على البدل وهي قراءة الأعرج وابن وثاب والأعمش، ورد على هذا الإعراب قوم بأن الثاني ليس الأول وليس كما ردوا لأن المعنى :﴿ فلينظر الإنسان ﴾ إلى إنعامنا في طعامه فترتب البدل وصح، " وأنا " في موضع خفض، وقرأ الجمهور :" إنا " بكسر الألف على استئناف تفسير الطعام، وقرأ بعض القراء :" أنى " بمعنى كيف ذكرها أبو حاتم، و" صب الماء " : هو المطر، و" شق الأرض " : هو بالنبات، و" الحب " : جمع حَبة بفتح الحاء وهو كل ما يتخذه الناس ويربونه كالقمح والشعير ونحوه، والحِبة بكسر الحاء كل ما ينبت من البزور ولا يحفل به ولا هو بمتخذ، و" القضب " قال بعض اللغويين : هي الفصافص، وهذا عندي ضعيف، لأن الفصافص هي للبهائم فهي دخل في الأبّ، وقال أبو عبيدة :" القضب " الرطبة، قال ثعلب : لأنه يقضب كل يوم.