وقال القرطبى :
﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) ﴾
فيه ست مسائل :
الأولى قوله تعالى :﴿ عَبَسَ ﴾ أي كلح بوجهه ؛ يقال : عبس وبَسَر.
وقد تقدّمَ.
﴿ وتولى ﴾ أي أعرض بوجهه ﴿ أَن جَآءَهُ ﴾ "أنْ" في موضع نصب لأنه مفعول له، المعنى لأن جاءه الأعمى، أي الذي لا يبصر بعينيه.
فروى أهل التفسير أجمع أن قوماً من أشراف قريش كانوا عند النبي ﷺ وقد طمع في إسلامهم، فأقبل عبد الله بن أمّ مكتوم، فكره رسول الله ﷺ أن يَقْطَع عبدُ الله عليه كلامه، فأعرض عنه، ففيه نزلت هذه الآية.
قال مالك : إن هشام بن عُروة حدّثه عن عروة، أنه قال : نزلتْ "عبس وتولى" في ابن أمّ مكتوم ؛ جاء إلى النبي ﷺ فجعل يقول : يا محمد استدنني، وعند النبي ﷺ رجل من عظماء المشركين، فجعل النبي ﷺ يُعرِض عنه ويُقْبل على الآخر، ويقول :" يا فلان، هل ترى بما أقولُ بأساً " فيقول : لا والدُّمَى ما أرى بما تقول بأساً ؛ فأنزل الله "عبس وتولى".
وفي الترمذي مسنداً قال : حدّثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأُموي، حدّثني أبي، قال هذا ما عرضنا على هشام بن عُروة عن أبيه عن عائشة، " قالت : نزلت "عبس وتولى" في ابن أمّ مكتوم الأعمى، أتى رسول الله ﷺ فجعل يقول : يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله ﷺ رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول الله ﷺ يُعْرض عنه، ويُقْبل على الآخر، ويقول :"أترى بما أقول بأساً"فيقول : لا ؛ ففي هذا نزلت " ؛ قال : هذا حديث غريب.
الثانية الآية عتاب من الله لنبيه ﷺ في إعراضه وتوليه عن عبد الله بن أم مكتوم.
ويقال : عمرو بن أم مكتوم، واسم أمّ مكتوم عاتكة بنت عامر بن مخزوم، وعمرو هذا : هو ابن قيس بن زائدة بن الأصمّ، وهو ابن خال خديجة رضي الله عنها.


الصفحة التالية
Icon